Page 4 - 2014-36
P. 4

‫من جانبه‪ ،‬حاول فيج ‪ Fage‬فلسفة أسباب قيام الممالك في السودان الغربي ثم‬
‫اتساعها‪ ،‬ثم اضمحلالها‪ ،‬وهو يرى أن هذه الممالك اعتمدت في تكوينها على قوات‬
‫من الخيالة أو الأبالة‪ ،‬مما ساعدها على سرعة الانتشار في منطقة السفانا الممتدة من‬
‫الشرق إلى الغرب‪ ،‬وكان نفوذها يصل إلى منطقة الغابات ثم يتوقف‪ ،‬لأنه لم يكن‬
‫بمقدور الخيل أو الإبل اختراق هذا النطاق‪ .‬وكانت الشعوب التي أخضعت بالقوة‬
‫تدين بالولاء والطاعة للمملكة التي نجحت في إخضاعها‪ ،‬وكانت في الوقت نفسه‬
‫تحتفظ بتقاليدها المحلية ولغاتها‪ ،‬لأن المنتصرين لم يكن يعنيهم إلا مجرد دفع الجزية‬
‫المقررة وإعلان الخضوع والطاعة‪ ،‬ولهذا لم تنجح أ ًيا من ممالك السودان الغربي‬
‫في تكوين أمة موحدة السمات؛ لذا فإن هذه الممالك كانت تبقى أو يطول حكمها‬
‫إذا استطاعت الاحتفاظ بجهازها العسكري فعالاً قو ًيا‪ ،‬لكن ثمار النصر وتكدس‬
‫الأموال‪ ،‬والإغراق في الترف‪ ،‬كان يضعف هذه الروح العسكرية‪ ،‬هذا فضلاً عن‬
‫أن زواج المنتصرين من أهل البلاد المغلوبة‪ ،‬أضعف فيهم روح العصبية‪ ،‬وسرعان‬
‫ما كانت هذه الممالك تتعرض لغارات جديدة من البربر‪ ،‬أو غارات أخرى لشعب‬

                                        ‫سوداني فتي يروم القيام بنفس الدور(‪.)6‬‬

‫يشير صاحب مخطوطة « بعض أخبار هذه البلاد السودانية « إلى حالة‬
‫التنافس بين ملوك بلدان السودان الغربي من أجل السيطرة على معظم الممالك‬
‫والإمارات بهذه البلاد‪ ،‬وقد قسم صاحب المخطوطة بلاد السودان الغربي إلى ثلاثة‬
‫أقسام‪ :‬عوالي‪ ،‬وتشمل بلاد برنو ‪ ،Borno‬وبلاد آير ‪ ،)7(Air‬وبلاد زبرم ‪،Zerma‬‬
‫وبلاد صنغي‪ ،‬ووسائط‪ ،‬وتشمل بلاد الهوسا ‪ ،)8(Hausa‬وبلاد َب ْن َد ‪ ،Band‬وسوافل‪،‬‬
‫وتشمل بلاد َبا ْي َياي ‪ .Baibai‬وأشار إلى أن أ ًيا من هذه الممالك لم تستطع فرض‬
‫سيطرة كلية على مختلف الممالك المحيطة بها‪ ،‬فسلطنة برنو ملكت الوسائط وبعض‬
‫السوافل‪ ،‬ولكنها لم تنجح في السيطرة على بلاد آير‪ ،‬وزبرم‪ ،‬وصنغي‪ .‬وقد نجحت‬
‫مملكة صنغي في فرض سيطرتها على كثير من ممالك السودان الغربي‪ ،‬واستطاعت‬
‫توسيع حدودها لأقصى ح ٍد وصلت إليه في عهد الأسكيا الحاج محمد الكبير‪ ،‬فقد‬

                                  ‫‪- 27 -‬‬
   1   2   3   4   5   6   7   8   9