Page 5 - 2014-36
P. 5
نجح في بسط سيطرته على العوالي كلها باستثناء مملكة برنو ،وملك أقطا ًرا من
الوسائط وبعض السوافل ،وملك بلاد آير كلها(.)9
ومن هنا نستنتج أن ممالك السودان الغربي خلال فترة دراستنا كانت في حالة
حرب مستمرة بحسب ما تأنسه هذه الممالك في نفسها من قوة ،وفي غيرها من
ضعف ،فأصبح الأمر بمثابة صراع عنيف من أجل الهيمنة وفرض النفوذ وتوسيع
الحدود ،فالمملكة السودانية كانت إذا حققت قد ًرا من القوة والمنعة لم تكتف بمجرد
تأمين حدودها بل كانت تسعى لاختبار قوتها بالدخول في حروب مع جيرانها باعتباره
سبيلاً مه ًما لتحقيق أمن حدودها وردع جيرانها بالتوسع في ممتلكاتهم .وسوف يتتبع
الباحث حالة التدافع والصراع بين الممالك السودانية والحروب التي قامت بين هذه
الممالك بهدف توسيع الحدود وإقرار النفوذ وفرض الهيبة خلال فترة الدراسة.
-1الحرب وتوسيع حدود مملكة مالي وفرض هيبتها:
سعى منسا موسى 737-712( Mansa Mussaهـ1337-1312/م) ملك
مالي إلى توسيع حدود مملكته ،كي يفرض هيمنته على بقاع واسعة من بلاد السودان
الغربي ،وبدلاً من بدء التوسع من ناحية الشرق كما كان متوق ًعا حيث كانت هذه الجهة
موط ًنا لقبائل الموشي )10(Mooshiوقبائل الطوارق ،Tuaregsالتي اعتادت الهجوم
على المملكة ،فإنه بدأ التوسع من الجهة الغربية ،حيث فضل أن يبدأ بغزو ممتلكات
مملكة غانة Ghanaفاستولى على بعض المدن المهمة ،مثل ولاتة ،Walataثم
ميمة .)11(Memaوهو الأمر الذي يعني أن سياسة توسيع حدود المملكة كانت مقدمة
عند منسا موسى على سياسة ردع القبائل التي كانت تهدد نفوذ المملكة.
ولعل ما يؤكد هذه السياسة التوسعية أنه بينما كان منسا موسى في رحلته للحج
عام 725هـ1324 /م ،واصلت جيوشه الأنشطة التوسعية ،وقبل أن يكمل سفر
العودة سمع هذا المنسا أن مدينة جاو Gawعاصمة صنغي سقطت بيد أحد قادته
ويدعى سقمنجة ،Saqmqngaوهي المرة الثالثة التي نجحت فيها مالي في إخضاع
صنغي( ،)12واستطاعت الرواية الشفوية التي جمعها جون روش Jean Rouch
- 28 -