Page 7 - 2014-36
P. 7

‫أضحت مملكة مالي نتيجة لحروب منسا موسى مرهوبة الجانب تسيطر على‬
‫بقاع شاسعة جغراف ًيا وغنية اقتصاد ًيا‪ ،‬وبهذا منحت الحرب للمملكة عوامل القوة‬
‫والازدهار في مرحلة مهمة من تاريخها بفضل توسعات هذا المنسا(‪ .)22‬بيد أن هذه‬
‫القوة والازدهار الذي حققته هذه المملكة في عهد منسا موسى لم تلبث أن تبدلت‬
‫إلى حالة من الضعف والفتور‪ ،‬فقد انشغل خلفاء منسا موسى بتحصيل ثمرات‬
‫الملك‪ ،‬وتدهورت تب ًعا لذلك أوضاع المملكة نتيجة إسراف خلفاء موسى وعجزهم‬
‫وضعفهم‪ ،‬فقد انتقل العرش بعد هذا المنسا إلى ابنه منسا مغا ‪Mansa Maghan‬‬
‫(‪742 -738‬هـ‪1341-1337 /‬م)(‪ )23‬الذي سمح خلال أربع سنوات من حكمه أن‬
‫يتعرض ميراثه القوي والشاسع إلى نكستين كبيرتين كان لهما أث ًرا بال ًغا على حياة‬
‫المملكة‪ ،‬فبعد زمن يسير من توليه السلطة قامت قبائل الموشى بالإغارة على تنبكت‬
‫‪ ،Timbuktu‬وإحراقها بعد أن قضت على حامية هذه المدينة من قبائل الماندنجو‬
‫‪ ،Mandingo‬أما الحادثة الثانية فكانت فرار أميري جاو الرهينين لدى حاكم مالي‪،‬‬
‫حيث استطاع على كولن ‪ Ali Kolon‬وسليمان نار ‪ Sylaiman Nar‬الهروب إلى‬
‫جاو عاصمة صنغي‪ ،‬واسترداها من الماندنجو‪ ،‬وأعلن علي كولن نفسه مل ًكا على‬
‫صنغي‪ ،‬ليبدأ سلسلة حملات لتحرير صنغي من قبضة مالي‪ ،‬بل وتبدأ صنغي في‬
‫شن سلسلة من الحروب التوسعية(‪ .)24‬وعلى هذا فإن تراخي قبضة خلفاء منسا‬
‫موسى على مملكة بنت قوتها على التوسع والغزو‪ ،‬كان سب ًبا في طمع المحيطين‬
‫بالمملكة والتجرؤ على حدودها ومهاجمة مدنها وأملاكها‪ ،‬وهو الأمر الذي يؤكد‬
‫أهمية الحرب والقوة العسكرية في فرض نفوذ مملكة مالي في عهد ملوكها الأقوياء‪.‬‬

‫تولى منسا سليمان بن أبي بكر ‪Mansa Sylaiman Ben Abi Bakr‬‬
‫(‪761-742‬هـ‪1360-1341/‬م) الحكم بعد منسا مغا بن منسا موسى (مغا الأول)‪،‬‬
‫وقد بذل سليمان جه ًدا كبي ًرا لإصلاح ما أفسده ابن أخيه‪ ،‬وبالرغم من إخفاقه في‬
‫استرداد جاو‪ ،‬إلا أنه أعاد السيطرة على معظم الأقاليم التي فقدتها مالي(‪)25‬؛ وأرغم‬
‫العديد من المجتمعات في إقليم السودان الغربي على الاعتراف بسيادته(‪ ،)26‬واجتمع‬

                                  ‫‪- 30 -‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12