Page 9 - 2014-36
P. 9

‫المتاخمة للمملكة من جهة الشرق‪ ،‬وتجاوز حدود جاو عاصمة صنغي‪ ،‬وبهذا‬
‫أعيدت للمملكة هيبتها في عهد منسا موسى الثاني بفضل كفاءة وزيره ماري جاطة‬
‫الذي قام بعدد من الحملات التأديبية والتوسعية الناجحة‪ .‬ثم ما لبثت المملكة أن‬
‫عانت من مرحلة جديدة من الضعف والتراجع بعد أن شهدت صرا ًعا على السلطة‪،‬‬
‫وفي ظل هذه الحالة وصل منسا مغا الثاني إلى الحكم بعد أخيه منسا موسى الثاني‬
‫عام ‪789‬هـ‪1388 /‬م‪ ،‬وقتل بعد عام واحد من وصوله لحكم المملكة‪ ،‬ثم وثب‬
‫على السلطة الوزير صندكي ‪ 792 -791 ( Sandaki‬هـ‪1390-1389 /‬م )‪ ،‬ثم‬
‫استولى على السلطة بالقوة منسا مغا الثالث ( ‪792‬هـ ‪1390 /‬م )(‪ .)33‬وفي ظل هذه‬
‫الظروف أخذت القبائل والإمارات التي أخضعت بالقوة تغير على حدود المملكة‬

                                           ‫منتهزة حالة الضعف التي أصابتها‪.‬‬

‫وهكذا كانت الحرب مؤثرة في وجود مالي وكان لها الأثر نفسه في أفول‬
‫نجمها وتراجع دورها كقوة سياسية بارزة‪ ،‬فمع مستهل القرن التاسع الهجري‪/‬‬
‫الخامس عشر الميلادي بدأ الضعف يدب في جسم المملكة‪ ،‬وأمام هجمات الطوارق‬
‫والموشى بموازاة مع توسعات الصنغيين؛ اضطرت مالي للانكماش على نفسها في‬
‫المنطقة التي انطلقت منها عند بداية أمرها‪ ،‬وبذلك تركت المجال لملوك صنغي‬
‫كي يمهدوا بلاد السودان ويقيموا مملكتهم على أنقاض مالي خلال الربع الأخير‬
‫من القرن نفسه(‪ .)34‬وإذا كانت الحروب التوسعية قد وصلت بمملكة مالي إلى هذه‬

                          ‫الحالة‪ ،‬فماذا فعلت الحروب التوسعية بمملكة صنغي ؟‬

                       ‫‪ - 2‬الحرب وتوسيع حدود مملكة صنغي وفرض هيبتها‪:‬‬

‫يشعر المتتبع للتاريخ الحربي للممالك السودانية وكأن التاريخ يعيد نفسه‪،‬‬
‫فقد وجدت مالي نفسها مضطرة للدفاع عن وجودها بسبب تسلط قبائل الصوصو‬
‫‪ Sosso‬على ممتلكاتها‪ ،‬وصنعت هذه الظروف من مملكة مالي قوة سعت نحو‬
‫إثبات ذاتها عبر سلسلة من الحروب منحتها القوة والازدهار لفترة من الزمن‪ ،‬ثم‬

                                  ‫‪- 32 -‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14