Page 8 - 2014-36
P. 8
له ما كان أخوه منسا موسى قد افتتحه من بلاد السودان( ،)27واستكمل منسا سليمان
سياسة أخيه منسا موسى في شن مزيد من الحروب التي أسهمت في توسيع حدود
المملكة ،فقد أشار ابن بطوطة ( المتوفى عام 779هـ1377 /م ) الذي زار مالي
في عهد منسا سليمان إلى أن مدينتي كابرة Kabaraوزاغة Zaghaلهما سلطانان
يذعنان بالطاعة لملك مالي(.)28
وبهذا وضع ملوك مالي أمام أعينهم سياسة الحرب وتوسعة حدود مملكتهم
على رأس أولوياتهم ،وأعطوا أهمية خاصة لحماية حدود مالي وفرض هيبتها؛
ولهذا كانت في عهد منسا سليمان قادرة على استنفار جيش قدره مائة ألف« ،منهم
عشر آلاف فارس ،وفرسان خيالة وسائرهم مشاة»( .)29ويضيف السعيدي ( المتوفى
عام 1067هـ1656/م ) إنه كان لملك مالي « قائدان واحد منهما صاحب اليمين
يسمى سنقرزومع والآخر صاحب الشمال يسمى فرن سرا وتحت طاعة كل واحد
منهما كذا وكذا من القياد والجيش «()30؛ ولذلك بلغت مالي أوج عظمتها وذروة
مجدها خلال القرن الثامن الهجري /الرابع عشر الميلادي بعدما اتسعت حدودها
لتغطي جل مناطق بلاد السودان الغربي.
وبعد الانتعاشة التي حققها منسا سليمان للمملكة ،عاد الضعف ليصيبها من
جديد بعد وفاة هذا المنسا ،فقد وصل إلى الحكم ملوك ضعاف ،منهم منسا قسا بن
منسا سليمان Mansa Qasaالذي حكم تسعة أشهر فقط عام 761هـ1360 /م(،)31
ثم جاء بعده ابنه ماري جاطة الثاني 775 -761 ( Mari Djata IIهـ-1360 /
1374م ) ،وقد ضعفت المملكة في عهده “ ،وأفسد ملكهم وأتلف ذخيرتهم ،وكاد أن
ينتقص شأن سلطانهم “( .)32ونتيجة لهذا الضعف الذي أخذ ينخر في جسد المملكة
ويفت في عضدها ،أصبح ميراث عرش المملكة ثقيلاً على منسا موسى الثاني بن
ماري جاطة الثاني ( 789 -775هـ1388 -1374 /م ) الذي حاول إصلاح ما
أفسده أبيه ،لكن السلطة الحقيقية كانت بيد وزيره القوي ماري جاطة ،الذي كان هو
المسئول عن تجهيز العساكر والكتائب ،وقاد حملات تأديبية ضد القبائل والسلطنات
- 31 -