Page 4 - 2014-36
P. 4
خدماتها لرحلات الحج التي كانت تخرج منها أصلاً أو التي تمر عبر أرضيها؛
لأنها كانت المعبر الوحيد والمنفذ الوحيد أي ًضا لرحلات الحج القادمة من بلاد
المغرب والأندلس وبلاد السودان الغربي وذلك بحكم موقعها الجغرافي المهم الذي
جعلها البوابة الرئيسية للقادمين من شمال القارة الأفريقية وغربها إلى بلاد الحجاز.
كما أن مصر في تلك الفترة الحاسمة من تاريخ الإسلام والمسلمين تسلمت مقعد
الزعامة السياسية والحضارية في العالم الإسلامي بعد أن نجحت في التصدي
للصليبيين والمغول الذين سعوا للقضاء على العالم الإسلامي وتراثه الحضاري.
كما نجحت مصر أي ًضا في إحياء الخلافة العباسية في القاهرة .وبذلك حملت مصر
لواء الزعامة السياسية والحضارية والروحية في العالم الإسلامي بأسره ،وأصبحت
الحجاز داخلة ،وأصبحت الحجاز داخلة ضمن نفوذها السياسي في تلك الفترة(.)9
لم تكن رحلة حج منسا موسى بداية رحلات حج مملكة مالي الإسلامية،
فقد سبقت رحلته ثلاث رحلات حجية أولها رحلة حج برمندانة الذي حج عام
442هـ .)10(1050/ثاني الرحلات الحجية كانت لمنسا ولي بن ماري جاطة الذي
مر بمصر في طريقة للحج عام 658هـ1259 /م في سلطنة الظاهر بيبرس(.)11
ويعرف ثالث حكام مالي الذي أدى فريضة الحج باسم ساكورة ،وقد حج عام 669هـ/
1300م في أيام السلطان الناصر محمد بن قلاوون في فترة حكمه الثانية( ،)12لكن
ساكورة قتل على أيدي قبائل الدناقل التي كانت تنتشر على ساحل البحر الأحمر
من الجنوب(.)13
ورغم أن هؤلاء الملوك الثلاثة كانوا قد أدوا فريضة الحج قبل منسا موسى،
إلا أنه من الملاحظ أن الإشارة إلى رحلة حج كل منهم في المصادر كانت مجملة.
ويعد هذا دليلاً على أنه لم تكن في مواكبهم الحجية ما يستلفت النظر حتى تحظى
باهتمام المؤرخين المعاصرين ،وذلك بخلاف رحلة حج منسا موسى التي اتسمت
بالفخامة( .)14وغدت رحلته هي الأشهر بين من حج من سلاطين دولة مالي الإسلامية
بوجه خاص وسلاطين السودان الغربي بوجه عام.
-3-