Page 356 - 2015-37
P. 356
مجلة الدراسات اأفريقية -عدد ( 37يناير 394 - 351 ) 2015
قضية مياه النيل في السياسة الخارجية المصرية
في ضوء التحديات الراهنة
د .محمد سالمان طايع( * )
مقدمة:
يحتل نه ُر النيل مكان ًة محوري ًة في حياة مصر والمصريين ،فعلى ضفافه قامت
واحدة من أعرق وأعتق الحضارات اإنسانية ،وظل شاه ًدا على تطورات السياسة
وااقتصاد وااجتماع التي عايشتها الدولة المصرية على مختلف اأزمنة والعصور.
ولقد جاءت تسمية «النيل» من تسميات قدماء المصريين للنهر .إذ كانوا يعتقدن
بأن النيل مركز العالم ،وأن منبعه هو بدايته .ولذا ،كانت قبلتهم نحو الجنوب(.)1
وبالرغم من أنه ا يوجد أصل واضح وقاطع لتسمية «النيل» بهذا ااسم ،إا
أنه يمكن تتبع هذا اأصل الفرعوني في تاريخ مصر القديم وأساطيرها وفلسفتها:
فلقد لقب المصريون النيل في بعض أناشيدهم بأبي اآلهة ،وهو لقب مستعار من
اإله «نون» رب المياه اأزلية عند الفراعنة ،والذي يعد أقدم اآلهة عهداً والذي
كان النيل ينبع منه(.)2
بيد أن إطاق كلمة «النيل» على النهر الجاري في مصر قد تأ َخر ،فقد كان
يعرف في السابق باسم «حابي» أو «هابي» ( )Hapyأي إله النهر وهو أشهر آلهة
النيل( .)3كما كان نهر النيل ُيسمى «بي يوما» ( )Piyomaأو النهر فقط.
وكان النيل الرئيسي من أسوان إلى القاهرة يسمي باللغة المصرية القديمة
(الهيروغليفية) باسم «أترو– عا» ومعناها «النهر العظيم» ،ومنها جاءت الكلمة
المستخدمة حالياً في اللغة العربية (الترعة) التي تطلق على الفروع الصغيرة للنهر،
في حين كان كل فرع من الفروع العديدة في الدلتا تسمي «أترو» أي (نهر)(.)4
(*) كلية ااقتصاد والعلوم السياسية -جامعة القاهرة -عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية.
- 351 -