Page 240 - 2016 - Vol. 40
P. 240

‫اولا‪ :‬التجارب السابقة للتنمية الاقتصادية واسباب فشلها‬
‫لم تعد فكرة التنمية تتح ّقق كلما ازداد حجم رأس المال الصناعي المم ّثل‬
‫بالآلات والتجهيزات المستوردة‪ ،‬أو كلما ازدادت مساهمة رأ س المال الصناعي‬
‫في الناتج الوطني ( بريتون‪ .) 907 : 1998 ،‬حيث عبرت مساهمات أرثير لويس‬
‫في مطلع الخمسينيات عن الفكرة ذاتها‪ ،‬وهي أن النمو يتح ّقق كلما اتسعت النواة‬
‫الصناعية الحديثة على حساب القطاع الزراعي والريفي التقليدي‪ .‬وتك ّونت آنذاك‬
‫قناعة عامة بأن التنمية تتح ّقق بمج ّرد ازدياد حجم رأس المال الصناعي الوطني‪.‬‬
‫لكن سرعان ماثبت فشل هذه النظرية واتضح ذلك من استمرار البلدان النامية‬
‫في مراكمة رأس المال الصناعي‪ ،‬أي التجهيزات المستوردة من دون الالتفات‬
‫إلى أن نسبة تشغيل هذه المنشآت كانت ضعيفة‪ ،‬وأن إنتاجيتها كانت متردية‬
‫للغاية‪ ،‬كما أن مساهمتها في تشغيل القوى العاملة المحلية كانت ضعيفة للغاية‬
‫هي الأخرى‪ .‬الأمر الذي نجم عنه ارتفاع م ّطرد في البطالة (بريتون‪.)914 :‬‬
‫لـكـن الإسهـام الأهـم لـ بــريتــون فــي تفسير أسباب فشل التنمية هو في إظهاره‬
‫كيف اعتمدت البلدان النامية خيار السهولة‪ ،‬من خلال استيراد المدخلات وقطع‬
‫الغيار وإقامة قطاعات صناعية بكاملها على قاعدة تجميع سلع عادية ومع ِّمرة‬
‫(‪ )assembly plants‬مقدمة لبيعها في السوق الداخلية المحم ّية من المنافسة‬
‫الخارجية‪ .‬وس ّهلت البلدان النامية هذا الخيار باعتماد أسعار صرف للعملة الوطنية‬
‫تخ ّفض تكلفة استيراد المدخلات والسلع التجهيزية اللازمة لهذه القطاعات‪ ،‬وبتوفير‬

                                                        ‫الحماية الجمركية لها‪.‬‬

‫وترجع عدم قدرة البلدان النامية علي تحقيق اهدافها التنموية بسبب انها‬
‫تغاضت عن هدف إنتاج الآلات (‪ )capital goods‬بنفسها وبقدرتها الذاتية‪.‬ويرجع‬
‫ذلك بالضرورة الي النظرية الليبرالية للتجارة الدولية بصيغتها التقليدية خاصة‬
‫الأساس النظري الذي تستند إليه منظمة التجارة العالمية وبقية المؤسسات الدولية‬

                                   ‫في الدفع لتحرير التجارة والمبادلات الدولية‪.‬‬
                                  ‫‪- 236 -‬‬
   235   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245