Page 241 - 2016 - Vol. 40
P. 241

‫من ناحية اخرى‪ ،‬شهدت حقبة النيو‪ -‬ليبرالية انهياراً لتجربة التخطيط في‬
‫عموم البلدان النامية‪ ،‬وتح ّولت وزارات التخطيط في بلدان عربية ع ّدة إلى «هيئات‬
‫تخطيط وتعاون دولي» تتولى تلقي المساعدات التي تم ّن بها المؤسسات والدول‬

                                             ‫المانحة والإشراف على توزيعها‪.‬‬

‫بينما يلاحظ ان أجهزة التخطيط التي اعتمدت عليها كوريا الجنوبية وتايوان‬
‫واليابان‪ ،‬كانت أولاً وأساساً «مجموعات تفكير» وثانياً أجهزة تنفيذية‪ .‬أما نوع‬
‫التخطيط الذي كانت تقوم به فهو تأشيري لتحديد الأهداف‪ ،‬على أن يترافق ذلك مع‬
‫حوافز يصار لتحديدها بهدف دفع المؤسسات الإنتاجية الخاصة للسير في المشروع‪،‬‬
‫ولثنيها عن الخوض في مجالات أخرى‪ .‬وقد تك ّونت هيئات التخطيط هذه من‬
‫اقتصاديين ومهندسين تقاسموا مقاعدها مناصفة‪ ،‬وفقاً للوصف الذي قدمه روبرت‬

                                                       ‫واد لها (واد‪.)1990 ،‬‬

‫في كثير من الاحيان راى بعض الاقتصاديين أن الفرق بين نظريات النمو‬
‫ونظريات التنمية إنما يتمثل في تركز نظريات النمو على توازن الاستثمار مع‬
‫الادخار‪ ،‬في حين تركز نظريات التنمية على التوازن بين التراكم الرأسمالي‬
‫والزيادة السكانية وتكيفهما معا‪ .‬وهذا الفرق رغم كونه لا يشكل تمييزا علميا إلا‬
‫أنه يفيد في كونه تمييز للنظريات المتعلقة بالدول المتخلفة عن تلك المتعلقة بالدول‬
‫المتقدمة رأسمالية أو اشتراكية‪ .‬وعلى ذلك يحتوي الفكر الاقتصادي على مجموعتين‬
‫من النظريات‪ ،‬تتناول الأولى النمو الاقتصادي في الدول المتقدمة‪ ،‬لتهتم الأخرى‬

                                  ‫بظروف التنمية الاقتصادية بالبلدان المتخلفة‪.‬‬

‫حيث ركزت وجهات النظر في الخمسينيات وحتى السبعينيات حول العلاقة‬
‫بين النمو الاقتصادي والفقر وعدم المساواة في كل من نموذج كوزنتس ‪،1955‬‬
‫ونموذج سولو ‪ ، 1956‬واكدت الفرضية على ان معدل النمو الاقتصادي ياخذ‬
‫شكل مقلوب ‪ u‬بمعنى ان النمو الاقتصادي في المراحل الاولى تزداد عدم المساواة‬
‫خاصة في البلدان الفقيرة لكن سرعان ما يتراجع هذا التفاوت مع استمرار تحقيق‬

                                  ‫‪- 237 -‬‬
   236   237   238   239   240   241   242   243   244   245   246