Page 486 - 2015-37
P. 486

‫نخلص من ذلك بأن الظروف التي شهدتها الكنغو الديمقراطية من صراع ونزاع‬
‫قد انعكست على الحالة الصحية والسياسية وااقتصادية للدولة‪ ،‬حيث تدهورت‬
‫المرافق والخدمات وانتشر الفقر والمرض وأصبح غالبية أفراد المجتمع يعانون من‬
‫الكثير من اأمراض سواء الناتجة عن الظروف ااقتصادية كأمراض سوء التغذية‬
‫أو الناتجة عن تدهور الرعاية الصحية والخدمات العاجية كالماريا والبلهارسيا‪،‬‬
‫أو الناتجة عن نقص الثقافة والوعي الصحي عند أفراد المجتمع كمرض اإيدز الذي‬

                           ‫يعاني منه عد ًدا ا بأس به من أفراد مجتمع الدراسة‪.‬‬

‫يرتبط كل من مفهومي المرض والصحة بالنواحي الثقافية وااجتماعية‬
‫كارتباطهما بالنواحي البيولوجية‪ ،‬لذلك كان ااهتمام بالنواحي الثقافية وااجتماعية‬
‫وتأثيرها على اأمراض يحتل مكانة كبيرة خال القرن التاسع عشر؛ حيث ارتبط‬
‫بظهور مشكات الصحة وارتباطها بالثورة الصناعية‪ ،‬وهذا ما جعل الباحث‬
‫األماني ‪ Virchow‬يذكر أن علم الطب هو في الواقع علم اجتماعي سواء من‬
‫الناحية النظرية أو التطبيقية‪ ،‬ولكن مع نهايات القرن التاسع عشر أصبح الطب‬
‫الحديث يرجع سبب حدوث اأمراض إلى الميكروبات وتأثيرها على خايا الجسم‬
‫واختفى تما ًما ااهتمام بالنواحي الثقافية وااجتماعية المسببة لأمراض‪ ،‬ولكن في‬
‫السنوات اأخيرة أظهرت العديد من اأبحاث –التي شارك فيها كل من العلماء‬
‫ااجتماعيين واأطباء‪ -‬الدور الذي تلعبه العناصر الثقافية وااجتماعية في حدوث‬

                                                ‫المرض (العشماوي‪.)2009 ،‬‬
‫الجدير بالذكر أن وجهة النظر الطبية قديماً كانت ترد كل اأمراض إلى‬
‫اأسباب الفسيولوجية والبيولوجية‪ ،‬إا أن هذه النظرة أصبحت مرفوضة بصفة‬
‫عامة من قبل علماء ااجتماع واأنثروبولوجيا المعاصرين‪ ،‬وذلك إهمالها الجانب‬
‫ااجتماعي‪ ،‬حيث يرى ‪ Parsons‬أن مشكلة الصحة تكمن أساساً في اللزوميات‬
‫الوظيفية للنسق ااجتماعي‪ ،‬وأن المرض يعتبر خلاً وظيفياً في النسق‪ ،‬فغالباً ما‬
‫يصاحبه عج ًزا في القدرة على أداء اأدوار ااجتماعية‪ ،‬كما يرى أن “اإنسان‬
‫المريض يعانى من اضطراب بيولوجي واضطراب في تصرفاته ااجتماعية وفى‬

                             ‫طريقة حياته وأدواره ااجتماعية (أنور‪.)2005 ،‬‬

                                  ‫‪- 482 -‬‬
   481   482   483   484   485   486   487   488   489   490   491