Page 17 - 2016 - Vol. 40
P. 17

‫الخــاتمـة‬

‫يتضح مما سبق عرضه أن خوارج سجلماسة من الصفرية أصحاب النظرية‬
‫المثالية في الحكم لم يلتزموا بالفكر السياسي للخوارج‪ ،‬فلم يراعوا تعاليم المذهب‬
‫وشرائعه بعد انتهاء حكم مؤسس الدولة‪ .‬هكذا تم اقصاء القواعد النظرية لانتخاب‬
‫الإمام حتى لو كانت تأخذ شكل صوري ‪ ،‬فبعد إمامة أبي القاسم أصبحت الإمامة‬
‫وراثية في أسرته ولم يطبقوا تعاليم المذهب في اختيار الإمام إلا في انتخاب عيسى‬
‫بن يزيد الأسود‪ .‬والجدير بالذكر أن القتل أصبح أسلوبا للتخلص من القائم بالأمر‬
‫كما حدث مع الحاكم الأول ‪ ،‬والعزل كما حدث مع الحاكم الثاني ‪ ، ،‬وأخيرا أصبح‬

                     ‫الصراع علي الحكم بين الأبناء وسيلة للوصول إلي الحكم ‪.‬‬

‫وبجانب ذلك فقد أدعى بنو مدرار الإمامة والخلافة ونظروا لأنفسهم على‬
‫أنهم الأئمة الحقيقيون‪ ،‬أما غيرهم فإنهم زائفون(‪ .)88‬وادعاء الإمامة ليس بجديد‬
‫على الخوارج الصفرية في المغرب الإسلامي‪ ،‬ففي ثورات الخوارج في عصر‬
‫الولاة أدعى قادة الثورة أنهم خلفاء‪ ،‬فقد تلقب كل من ميسرة المطغري وخالد بن‬
‫حميد الزناتي بلقب خليفة وبايعتهما القبائل البربرية على ذلك(‪ .)89‬وهذا يعني عدم‬
‫الاعتراف بالخلافة في المشرق‪ ،‬ويعزي ذلك انتشار مذهب الخوارج الذي ينادي‬
‫بأن الإمامة ليست مقصورة على العرب وحدهم بل يشترك فيها المسلمون عامة‬

                                                       ‫على اختلاف أجناسهم‪.‬‬

‫وبالنسبة للسياسة الداخلية لبني مدرار في سجلماسة لا يسعنا إلا أن نقول‬
‫أن فترة حكمهم اتسمت بالرخاء والازدهار لحسن سياسة أمرائها ورؤسائها حتى‬
‫أصبحت سجلماسة مركز للخوارج الصفرية في كافة أرجاء المغرب بل في كافة‬
‫أرجاء العالم الإسلامي‪ ،‬فدولة بني مدرار في سجلماسة هي أول دولة قامت على‬
‫أساس المذهب الصفري ونجحت في ذلك كل النجاح‪ ،‬فكانت لها سياستها الداخلية‬
‫الواضحة وكانت لها سياستها الخارجية وكانت لها قوانينها وأنظمتها‪ ،‬وكانت لها‬
‫عاصمتها التي تم تأسيسها على يد أول حكام بني مدرار‪ ،‬ويعد تأسيس هذه المدينة‬

                                         ‫عملاً عظيماً من أعمال هؤلاء الحكام‪.‬‬
                                  ‫‪- 13 -‬‬
   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21   22