Page 15 - 2016 - Vol. 40
P. 15
أما الفترة الثانية فإنها تبدأ من بداية النزاع أي في اواخر عام 249هـ863/م
وأوائل عام 250هـ864/م حين سيطر ميمون بن تقية على الحكم عام 253هـ867/م،
وتميزت هذه الفترة بالاضطرابات الداخلية التي كان لها أكبر الأثر على الدولة
واستقرارها ،وبالتالي أثرت على النواحي الاقتصادية حتى وصف مدرار في تلك
الفترة بأنه كان خاملاً غير قادر على ضبط أبنائه المتنافسين الطامعين في الحكم(.)76
ثم تولى الحكم في سجلماسة ميمون بن تقية بعد أن نجح في عزل أبيه()77
(263-253هـ876-867 /م) ،وفي دولته مات أبوه مدرار عام 253هـ867/م(،)78
ولا تمدنا المصادر بأخبار عن حكم ميمون بن تقية ،إلا ابن خلدون يقول« :أنه
استبد بالأمر إلى أن هلك( .»)79وهذا يعني أنه حين وصل إلى الحكم اضطر إلى
استعمال الشدة والقسوة في القضاء على أنصار أخيه من الصفرية أو الإباضية فلم
يكن يستطيع التهاون مع هؤلاء وإلا لضاعت دولته ،ولذلك يمكن القول أنه انشغل
في تدعيم دولته واستبد بالأمر وحده ،وقضى على المعارضين له ،ولذلك ليس في
فترة حكمه ما يذكر من أعمال قام بها إلا الجهود التي بذلها لتدعيم حكمه والانفراد
بحكم الدولة وحده.
وقد تخلصت الدولة من مشاكلها الداخلية عندما تولى بعد ميمون بن تقية ابنه
محمد (270-263هـ883-876/م) ( .)80فقد انتهت الفتن التي سادت أواخر حكم
جده وأغلب سنوات حكم أبيه ،وساد الأمن والهدوء في سائر ربوع الدولة ،يؤكد
ذلك اتجاهه إلى غزو بلاد الجنوب( ،)81وقد يكون المقصود بذلك غزو درعة التي
من المحتمل أن تكون قد انفصلت عن الدولة أثناء فترة الاضطرابات الداخلية ،كما
أنه ملك مدينة تابلبالت وهي بلدة في إقليم تافيلالت(.)82
وقد خلف محمد بن ميمون في الحكم أخوة اليسع الثاني الملقب بالمنتصر()83
(297-270هـ909-883 /م) الذي ازدهرت أحوال الدولة في عهده ،فقد أحسن
السيرة( )84وعمل على الاهتمام باقتصاديات البلاد فساد الرخاء في كافة ربوع
الدولة ،وليس أدل على هدوء الأوضاع الداخلية واستقرارها من أنه أعد الجيوش
- 11 -