Page 13 - 2016 - Vol. 40
P. 13

‫تاهرت(‪ )62‬وذلك من أجل تدعيم حدوده الشرقية والوقوف سوياً ضد العدو المشترك‬
                                                ‫لهما وهو الأغالبة في إفريقية‪.‬‬

‫لقد كان اليسع رجلاً موهوباً جمع صفات كثيرة كالسيادة والحزم والسياسة‬
‫والكياسة وبعد الهمة وحسن التدبير‪ ،‬وكان لجهوده أثر في تدعيم الدولة وازدهار‬
‫اقتصادها فنعمت سجلماسة في أثناء حكمه بالرخاء والغنى‪ ،‬ولذلك يعد من أعظم‬

                                   ‫حكام بني مدرار لما قام به من أعمال جليلة‪.‬‬
‫تولى مدرار الحكم خلفاً لأبيه اليسع ولقب بالمنتصر (‪253-208‬هـ ‪-823 /‬‬
‫‪867‬م)‪ ،‬وشهد حكمه فتناً داخلية وصراعاً بين ولديه اللذين طمعا في الوصول إلى‬
‫كرسي الحكم‪ ،‬ويرجع إلى أن مدراراً كان قد تزوج من أروي ابنة عبد الرحمن بن‬
‫رستم(‪ )63‬وأنجب منها ميمون‪ ،‬كما كان له ولد آخر من زوجة أخرى اسمها تقية‬
‫اسمه ميمون ايضاً‪ .‬وقد تنازع الإخوان في الوصول إلى الحكم خلفاً لأبيهما في‬
‫السنوات الثلاثة الأخيرة من حكم مدرار(‪ )64‬الذي انحاز إلى ابن أروي الذي تغلب‬

                                          ‫على أخيه وأخرجه من سجلماسة(‪.)65‬‬

‫تولى ميمون بن أروي الحكم عام ‪253‬ه‪867/‬م وخلع أبوه له نفسه‪ ،‬ولكن أهل‬
‫سجلماسة ثاروا عليه وعزلوه(‪ )66‬لأنه أساء السيرة في الرعية واستبد بالأمور(‪،)67‬‬
‫كما أن زعماء الصفرية استعظموا الأمر خوفاً من انضمام ملكهم إلى ملك بني رستم‬
‫وسيادة الأباضية عليهم(‪ ،)68‬كما أن تنازل مدرار عن الحكم لأبنه أغضب شيوخ‬
‫الصفرية لأنه بهذا انتهك تعاليم المذهب(‪ )69‬بتنازله عن الحكم لأبنه‪ ،‬فعلى الرغم من‬
‫أن اختيار الإمام يتم بطريقة صورية إلا أن مدراراً تجاهل شيوخ المذهب على ما‬
‫يبدو في تنصيب ابن أروي إماماً‪ ،‬كما لا يستبعد أن يكون ميمون بن تقية قد أوعز‬
‫لرؤساء الصفرية بمساندته مشيراً لهم بأن ابن أروي جده هو عبد الرحمن بن رستم‬
‫مؤسس دولة بني رستم الإباضية في تاهرت‪ ،‬ولذلك عزلوه عام ‪253‬هـ‪867/‬م‪.‬‬
‫وتدافع أحد كتب الإباضية عن ميمون بن أروي فترى أن أباه اختاره لحكم الدولة‬

     ‫لكفاءته واقتداره‪ ،‬وتهاجم ميموناً ابن تقية وترى أنه كان ابناً غير شرعي(‪.)70‬‬
                                   ‫‪-9-‬‬
   8   9   10   11   12   13   14   15   16   17   18