Page 12 - 2016 - Vol. 40
P. 12
فرض هيبة الدولة على جيرانها ،وقام بإصلاحات عديدة وتصدى لمشاكل كثيرة
دون خوف وتغلب عليها جميعاً حتى أصبح من أعظم حكام سجلماسة ،واستفحل في
عهده ملك بني مدرار( .)48ويعود ذلك ايضاً إلى ما قام به اليسع الأول من إصلاحات
عديدة في هذه المدينة إذ زاد في عمرانها وأعاد توزيع القبائل على خططها( ،)50مما
جعل سجلماسة تضارع مدن الشرق والغرب ،وأصبحت بحق عاصمة الجنوب ،وقد
تمت هذه الأعمال العمرانية( )50بمشاركة الأندلسيين من أهل قرطبة الذين كانوا قد
فروا من بلادهم إلى سجلماسة عقب عدة اضطرابات حدثت في ربض قرطبة مثل
ثورة (202هـ815/م)(.)51
وقد اعطى اليسع الاهتمام الأكبر للنهوض بالنواحي الاقتصادية كالزراعة
والتجارة والصناعة التي أنشأ لها العديد من المصانع( )52كما أهتم بتدعيم الجيش
حتى أصبح يملك جيشاً عظيماً امتاز بكثرة الجنود( )53وأستغل هذا الجيش في إظهار
مذهب الصفرية وقاتل في سبيل نشره( .)54ولم يستخدم ايسع الطرق السلمية لنشر
المذهب كما فعل أبو القاسم سمكوا حين نشر المذهب بين قومه وجماعات التجار
السودانية ،فقد استخدم السلاح لنشر هذا المذهب حتى وصف بأنه جباراً عنيداً
فظاً غليظاً( .)55كما استخدم الجيش في توسيع حدود دولته فظفر بمن عانده من
البربر( ،)56ودوخ بلاد الصحراء( )57وما فيها من قبائل ،وخاصة قبائل مصمودة
ومشكورة ووريكة في الغرب ولمطة وصنهاجة في الجنوب( ،)58كما سيطر على
مدينة درعة( )59وأخذ خمس معادنها( .)60وبذلك اتسعت رقعة الدولة في زمن اليسع
الأول حتى اشتملت على مناطق سجلماسة ودرعة وأصبحت حدودها الشمالية تبتدئ
من جنوب جبال الأطلس الكبير في جنوبي المغرب الأقصى وتمتد جنوباً إلى قلب
الصحراء(.)61
وكما اتجه اليسع الأول إلى استخدام القوة مع من عانده من قبائل البربر لتحقيق
الأمن والاستقرار لدولته ،اتجه إلى أسلوب التحالف مع دولة بني رستم الخارجية
الإباضية ،فقد زوج ابنه مدرار من أروي ابنة عبد الرحمن بن رستم صاحب
-8-