Page 14 - 2016 - Vol. 40
P. 14
ومهما كان الأمر فقد أعاد زعماء الصفرية مدراراً إلى الحكم( )71وفر ابن
اروي إلى درعة ،ولكن وصل إلى سمع أهل سجلماسة أن مدراراً استدعى ابن
أروي فيمن أطاعه من درعه ليوليه الأمر ،فاتجهوا إلى مدرار وعزموا على عزله،
فحاصروه في قصره ثم خلعوه وولوا عليهم ميمون بن تقية( ،)72وفي هذا فإننا لا
نستبعد أن يكون لابن أروي قوة داخلية مناصرة له ضغط بها على أبيه.
ولكن ما هو موقف دولة بني رستم من ذلك النزاع؟ هل وقفت موقف المتفرج؟
أو هل اعانت ابن أروي في محاولته للوصول إلى العرش؟ لا تشير المصادر بأدنى
إشارة تمكننا من الإجابة على هذه التساؤلات ،ولكن فيما يبدو لم تتدخل الدولة
الرستمية في الصراع الدائر في سجلماسة على الحكم حرصاً على علاقة الود
وحسن الجوار التي كانت تربطها مع دولة بني مدرار .ويعتبر مدرار المسئول
عما حدث من فتن واضطرابات داخلية في أواخر حكمه حين أقدم على عزل نفسه
وتوليه أحد أبنائه الحكم في حياته.
جنى مدرار ثمار جهود أبيه اليسع الأول في الداخل وفي الخارج وتنقسم فترة
حكم مدرار التي طالت ووصلت إلى خمس وأربعين سنة إلى فترتين:
الفترة الأولى :وهي فترة استقرار داخلي وتمتد من بداية حكمه حتى بداية
النزاع على العرش بين ولديه وهي تبدأ من عام 208ه823/م إلى أواخر عام
249هـ863/م وأوائل عام 250هـ864/م تقريباً لأن ابن خلدون( )73يرى أن النزاع
بين ولديه قد استمر ثلاثة سنوات وانتهى بعزل مدرار عن الحكم عام 253هـ867/م,
وفي الفترة الأولى واصلت سجلماسة عهد الرقي والازدهار( .)74ذلك أن مدرارا كان
قد ورث دولة مستقرة الأوضاع كما أنه بذل جهده للنهوض بالنواحي الاقتصادية
كما أنه حافظ على حدود مملكته فحكم درعة الغنية بمناجم الفضة وكانت على
طريق تجارة القوافل عبر الصحراء ،وكانت سجلماسة الحد الشمالي وأودغست
الحد الجنوبي لتلك التجارة(.)75
- 10 -