Page 268 - 2016 - Vol. 40
P. 268
وعليه لا يوجد هناك حاليا تعريف علمي دقيق لهذه الظاهرة ،وإنما الموجود
منها هو ذكر لبعض شروطها أو عناصرها ،وبنا ًء على ما سبق يمكن تعريف
الشراكة بأنها »:ذلك الإطار القانوني –السياسي الذي يجمع تحته أكثر من دولة ،
تتفق بموجبه على تحقيق مستويات عالية من التنسيق والتعاون المشترك بينها في
مجالات الاقتصاد والسياسة والاجتماع والثقافة و الأمن ،تلتزم خلالها باحترام
متساوي في أداء واجباتها ونيل حقوقها منها .وتتميز أيضا بكونها تستغرق مدة
تطبيق طويلة )2(.ولهذا فإن الشراكة هي أكثر من مجرد اتفاقية ما ،وأقرب إلى
مفهوم التكامل الاندماجي بل ويمكن القول أن الشراكة بهذا المعنى هي إحدى الصور
المثلى للتكامل أو هي أقرب إلى درجات نهاية الارتقاء في ُسلَّم التكامل .ومن هذا
الجانب فإن التكامل ظاهرة تستغرق في دلالاتها الشراكة ومعانيها ،بالإضافة إلى
مفردات الأخرى القريبة منها ،كالتحالف والتعاون والحوار وغيرها .ونحن في
دراستنا نبحث على العنصر الأساسي للشراكة وهو «التكافؤ» الذي هو بين دول
ضفتي المتوسط بين الاتحاد الأوروبي في الشمال كقوة اقتصادية عالمية تجسد
معني التكامل الاقتصادي من جهة ودول الضفة الجنوبية الفقيرة الغارقة في التبعية
الاقتصادية والسياسية والفكرية وغيرها من جهة أخرى)3(.
وكما أن منطقة المتوسط قد حضية باهتمام من قبل الحكام من جهة ومن
قبل المنظرين للمنطقة من جهة أخري وذلك من حيث أنها كانت مهد للحضارات
والثقافات وتعددها هذا ما جعلها تجسد القدم الحضاري في تاريخ البشرية وباعتباره
كذلك أنها مهد الحضارات الدينية بمختلف الديانات السماوية ،هذا ما جعلها منطقة
تمتاز بالبعد الجيو استراتجي في نظر أطماع الدول القوية عبر العصور وقد شهدت
المنطقة المتوسطية حراك دموي عبر العصور بين الملك والرعية من جهة قصد
الاطاحة بالسلطان الجائر تارتا أخرى ،والصراع بين الديانة الاسلامية والصلبين
من جهة قصد من ينفذ في المنطقة ويفرض ديانة وبمجمل القول يمكن أن نقول أن
المنطقة المتوسطية قد شهدت فترات الحرب أكثر بكثير من فترات السلم لأسباب
- 264 -