Page 22 - 2014-36
P. 22
ثال ًثا – الحرب والتخلص من بعض القبائل غير المرغوب فيها:
كما كانت الحرب سبيلاً للتخلص من بعض العناصر والقبائل غير المرغوب
فيها ،بدليل أن الأسكيا محمد الأول قاد غزوة ضد سلطنة برك أو بربو ،وقتل فيها
خلق كثيرون من قبائل آيبربند ،Iberbandaفبكى عمر كمزاغ أخو الأسكيا محمد،
وقال لأخيه “ أفنيت سغي “ أي عرضت أبنائها للهلاك ،أجابه الأسكيا “ بل عمرت
سغي ،هؤلاء القوم الذين رأيتهم أيطيب لنا العيش في سغي وهم معنا فيه ولا يمكن
أن نفعل بهم هذا الفعل بأيدينا؛ ولذلك أتينا بهم في هذا الموضع ليتفانوا فيه وترتاح
منهم لما عرفت منهم من عدم الفرار للموت “( .)97ويدل هذا على أن الحرب كانت
أسلو ًبا للتخلص من بعض القبائل التي يرجح أنها كانت لا تخرج للقتال وتطيع أوامر
الأسكيا بحسب ما يستشف من النص السابق.
وبهذا تنوعت الدوافع السياسية التي حركت الحروب في السودان الغربي ،ومن
هنا يرجح الباحث أن الحرب مثلت أهمية كبرى بالنسبة لمجتمع السودان الغربي
حكا ًما ومحكومين ،فعلى الرغم من أثرها السلبي مثلت الحرب أساس قوة الممالك
السودانية ،وفي ظل تلك المعطيات كانت المملكة القوية الغازية تملك أفضلية عن
تلك التي كانت تتعرض للغزو ،وفي الوقت نفسه أصبحت الحرب ضرورية بالنسبة
للممالك التي أُخضعت بالقوة ،حيث أضحى تخلص تلك الممالك من تسلط مملكة
أخرى عليها يمثل هد ًفا مصير ًيا لها ،وهو الأمر الذي يعكس ذلك الثناء الذي
أفاضه المؤرخون السودانيون على أولئك الحكام الذين خاضوا الحروب الكثيرة
ونجحوا في تحقيق الكثير من الانتصارات ،وأخضعوا الكثير من الممالك والقبائل
لسيادتهم ،كما اختص الحكام الذين نجحوا في تحرير ممالكهم من هيمنة ممالك
أخرى بنفس درجة الثناء في المصادر السودانية ،وهو أمر يعكس أهمية الحرب
في نظر المجتمع السوداني تب ًعا للظروف التي عاشها ،ويعكس أي ًضا أهمية الدوافع
السياسية التي حركت ظاهرة الحرب في بلاد السودان الغربي.
- 45 -