Page 25 - 2015-37
P. 25
اخامة
تباينت اآراء حول شخصية محمد بن تومرت الزعيم الروحي لدولة الموحدين
عند المؤرخين القدامى والمحدثين .فقد رفعه البعض إلى درجة القداسة بوصفه
اإمام المهدي المعصوم كابن القطان والبيذق .وتصدى ابن خلدون للمهاجمين له،
واعتبر أن الحقد والحسد هما سبب الهجوم واتهامه بالشعوذة والتدليس.
في الوقت نفسه اتهمه البعض بااحتيال والشعوذة كابن أبي زرع والعماد
الحنبلي .ووصل اأمر إلى قيام ابن تيمية بالهجوم عليه أن مذهبه لم يأت به
الرسول صلي ه عليه وسلم وا أصحابه واتهمه بالمروق والكفر والضال.
واعتبره الساوي خارجاً عن مذهب أهل السنة والجماعة.
أما المحدثين أمثال اأستاذ عبد ه كنون فاعتبره إماماً من أئمة العلم والدين،
والدكتور سعد زغلول عبد الحميد اعتبره مجددا في دراسته محمد بن تومرت
وحركة التجديد في المغرب واأندلس وأيضا يراه الدكتور الحسين بولقطيب مجدداً
للفكر اإسامي .أما اأستاذ محمد عبد ه عنان فقد أنكر مهديته باإضافة إلى أن
معظم المحدثين أنكروا عليه ما ذهب إليه .
نحن أمام شخصية تتميز بااحتيال والخداع والكذب فقد خالف السنة النبوية
حين أدعى العصمة وهي للرسل واأنبياء كما خالفها أيضاً حين أدعى أنه مهدي
آخر الزمان ،وخالف اأحاديث المروية بشأن المهدي وأدعى أنه سيظهر بالمغرب
اأقصى ولم يكتف بهذه اأكاذيب بل أدعى لنفسه نسباً علوياً شريفاً.
هناك سؤال يطرح نفسه لمن اعتبر ابن تومرت مجدداً للفكر اإسامي أين
التجديد في الفكر اإسامي في ضوء مذهبه الديني؟ ليس هناك تجديد فالدارس
لتراثه يجد أنه أخذ آراء المذاهب والفرق اإسامية كاأشاعرة والمعتزلة والظاهرية
والخوارج والشيعة ،فهذه التناقضات المذهبية التي صاغها في كتاباته كاتب أساساً
لمذهبه من أجل خدمة أهدافه وتحقيق حلمه السياسي باانقاب على السلطة
- 20 -