Page 24 - 2015-37
P. 24
ثم أتى ابن تومرت على أصحابه الذين شاركوه في هذه الحيلة ،وأغلق عليهم
المنافس التي تركت لهم فماتوا من ساعتهم ،وفعل ذلك ل َئا يخرجوا فيسروا إلى
خاصتهم ما أتفق عليه معهم من حيلة(.)143
الحيلة الثانية :التي لجأ إليها ابن تومرت ،أطلق عليها التمييز ،تخلص فيها
من معارضيه الذين كانوا يشكون في أنه المهدي .وراح ضحية هذا اأمر آاف
من المغاربة( .)144وقد وقعت أحداث التمييز في عام 519هـ1124/م ،فقد رأى ابن
تومرت كثرة المخالفين له من أهل الجبل ،وطلب من شيوخ القبائل تبصير المخالفين
بحقيقة الدعوة الموحدية وقال لهم أيضاً إذا لم يتراجعوا .أكتبوا أسمائهم وارفعوها
لكي أنظر في أمرهم ،ففعلوا ذلك ،وكتبوا له أسمائهم .رفع ابن تومرت اأسماء التي
قدمت له إلى أبي عبد ه محسن الونشريسي الملقب بالبشير(.)145
كان ابن تومرت حين التقى مع الونشريسي قد وجده عالماً وفقيهاً ،فطلب منه
أن يظهر العجز والجهل والخبل ثم قدم ابن تومرت أسماء المخالفين فحفظها ،وطلب
منه أيضاً أن يظهر فصاحته وفضائله مرة واحد ،فلما صلوا الصبح قال الونشريسي
رأيت البارحة في نومي ملكين نزا من السماء ،وشفا قلبي وغساه وحشياه علماً
وحكمة وقرآناً ،فانقاد له كل صعب وتعجبوا من حفظه للقرآن الكريم أنه كان
يظهر الجهل .وقال له ابن تومرت عجل لنا البشرى في أنفسنا؟ فقال الونشريسي
أنت المهدي القائم بأمر ه ومن تبعك سعد ومن خالفك شقى .وطلب منه المهدي أن
يميز بين المؤيدين والمخالفين أيضاً( .)146فكان الونشريسي يخرج قوماً على يمينه
ويزعم أنهم أهل الجنة ،وقوماً على يساره ويزعم أنهم من أهل النار وهم الذين
كانوا مشككين في أنه اإمام المهدي المعصوم وكان معظمهم من لوائح اأسماء التي
قدمها له شيوخ القبائل من المخالفين(.)147
لقد لجأ ابن تومرت إلى هذه الحيلة للتأثير على عقول الكثير من البربر السذج
ومن أجل قتل كل من خالفه في أمره ،واإبقاء على من أطاعه ونجح في ذلك فلم
يبق بالجبل مخالف له(.)148
- 19 -