Page 406 - 2015-37
P. 406

‫ياحظ أيضاً أن توجهات غالبية المسلمين اأفارقة جنوب الصحراء يطغى عليها‬
‫الطابع السني الصوفي‪ ،‬وهؤاء ا يحملون إيديولوجيات دينية سياسية للتطبيق في‬
‫الغالب حتى وإن كان لهم تأثير ونفوذ على صانعي القرار في هذه الدول‪ ،‬ففي السنغال‬
‫حيث تسود الطرق الصوفية فإن زعماء هذه الطرق يحظون بمكانة هامة لدى اتباعهم‬
‫كما يحظون باحترام القادة السياسيين الذين يعبر البعض منهم عن وائهم لهؤاء الشيوخ‬
‫كونهم من أتباعهم قبل أن يصبحوا قادة سياسيين‪ ،‬إذ يضمن لهم هؤاء الشيوخ قاعدة‬
‫من الناخبين من اأتباع‪ ،‬ولهذا لم تجد دعوة الشيخ توري في السنغال (‪– 1925‬‬
‫‪ )2005‬قاعدة شعبية تنافس الطرق الصوفية الضاربة في عمق الثقافة السنغالية‪ ،‬وقبله‬
‫سكت شيوخ الصوفية عن الدستور العلماني الذي وضع في عهد الرئيس سنغور غداة‬
‫استقال السنغال‪ ،‬وهو دستور علماني ا يستجيب للمرجعية اإسامية حتى في اأحوال‬
‫الشخصية(‪ .)10‬كما يمكن القول عموماً أن المسلمين في معظم الدول اأفريقية ذات التعدد‬
‫الديني يمارسون في الغالب حياة طبيعية فيما يتعلق بالممارسة السياسية‪ ،‬إذ ا ينعكس‬

     ‫الوضع الديني على السلوك السياسي على اأقل من الناحية الدستورية والقانونية‪.‬‬

‫إن الطبيعة المميزة لإسام في أفريقيا جنوب الصحراء هو ما دفع البعض من‬
‫اأوربيين في أواخر القرن التاسع عشر لوصفه باإسام اأسود‪ ،‬وهو إسام يتماشى‬
‫والنفسية والتقاليد اأفريقية‪ ،‬ومهما تكن حقيقة اأمر فإن أوضاع المسلمين وعاقتهم‬
‫بالدين اإسامي تختلف من دولة إلى أخرى في أفريقيا نفسها‪ ،‬غير أن الثابت أن النخب‬
‫السياسية اأفريقية المسلمة عملت على تبني دساتير علمانية عاملة بذلك على تحييد‬
‫المتغير الديني‪ ،‬وهو ما عليه الوضع في هذه الدول حتى يومنا هذا(‪ ،)11‬ويعود ذلك أن‬
‫النخبة الحاكمة قد تلقت تعليماً علمانياً في نظام تعليمي أعدته الدول ااستعمارية(‪،)12‬‬
‫كما أن دساتير هذه الدولة تقع ضمن الميراث ااستعماري حيث وضعت على شاكلة‬
‫الدساتير ااستعمارية‪ .‬ويحظى المسلمون في بعض الدول اأفريقية بأوضاع مميزة‬
‫رغم كونهم أقلية ففي غانا يعيش المسلمون في تسامح مع اتباع الديانات اأخرى‪ ،‬ولهم‬

            ‫مدارسهم وجامعتهم وجوامعهم وبنوكهم ومنظماتهم المدنية وغيرها(‪.)13‬‬

                                  ‫‪- 401 -‬‬
   401   402   403   404   405   406   407   408   409   410   411