Page 380 - African-Issue 41Arabic
P. 380

‫ثانيا‪ -‬مشكلة الدراسة وتساؤلاتها‬

‫شهد العالم منذ بداية العقد الأخير من القرن العشرين حزمة من التحولات‬
‫الضخمة كانت بدايتها انتهاج مجموعة من البلدان الغربية الصناعية ما عرف‬
‫وقتها بسياسات الإصلاح الاقتصادي عبر برامج لإعادة هيكلة الانظمة الاقتصادية‬
‫عبر التخلي عن الملكية العامة لصالح القطاع الخاص‪ ,‬وكانت بريطانيا النموذج‬
‫الأكثر وضوحا في تطبيق سياسة الخصخصة‪ ،‬حيث تمكنت بريطانيا خلال تلك‬
‫الفترة وعبر سياستها التاتشرية من التخلي عن الأصول العامة المملكة للدولة في‬
‫العديد من القطاعات الاقتصادية مثل شركة الغاز وشركة الاتصالات وغيرها من‬
‫الكيانات الاقتصادية المملوكة للدولة‪ .‬وقد انتقلت حمى الخصخصة للعديد من الدول‬
‫الغربية‪ ،‬فسارت جميعها تقريبا على ذات الطريقة الذي بدأته بريطانيا وهو الطريق‬
‫الذي رسمه لها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي‪ ،‬واتسعت الدعوات نحو تصدير‬

                     ‫سياسة الخصخصة للبلدان الأخرى خارج القارة الصناعية‪.‬‬

‫وكانت مصر من أولى الدول في المنطقة العربية بل وفي الشرق الأوسط الذي‬
‫بدأت بتطبيق سياسة الخصخصة عبر روشته قدمها في ذلك الوقت كل من صندوق‬
‫النقد الدولي والبنك الدولي‪ ،‬وكانت فحوى تلك الروشته هي التخلي عن القطاع‬
‫العام وتصفيته عبر برنامج اطلق عليه في ذلك الوقت برنامج التكيف الهيكلي عبر‬
‫حزمة متنوعة من القوانين والبرامج نفذت تحت برنامج أكبر أطلق عليه برنامج‬

                                                        ‫الإصلاح الاقتصادي‪.‬‬

‫وخلال سنوات قليلة تم بيع العديد من الكيانات الاقتصادية المملوكة للدولة‪،‬‬
‫ولم ينتهي العقد الأخير من القرن العشرين حتي أصبح برنامج الخصخصة برنامج‬
‫نافذا ومحققا للهدف الذي أنشئ من أجله (تصفية القطاع العام)‪ .‬من هنا بدأت مصر‬
‫تدخل في مرحلة جديدة وبدأت التحولات ذات المنشأ الاقتصادي تعصف بالمجتمع‬
‫ولم تكن مصر قد انتهت بعد من قياس النتائج التي ترتبت على تطبيق سياسة‬
‫الخصخصة‪ ،‬إلا وبدأ العالم اجمع الدخول في مرحلة جديدة من التحولات أطلق‬

        ‫عليها مع بداية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين مسمى (العولمة)‪.‬‬
                                  ‫‪- 375 -‬‬
   375   376   377   378   379   380   381   382   383   384   385