Page 50 - African-Issue 41Arabic
P. 50

‫والغرض لذكرنا لهذه المراكز الاستشفائية ليس إحصاء عدد البيمارستانات‬
‫التي عرفها المغرب الإسلامي‪ ،‬وإنما هدفنا هو معرقة علاقة المرأة بهذه المراكز‬
‫وإسهاماتها في المعالجة الطبية كممرضة وطبيبة وقابلة‪ ،‬ومن حيث تلقيها العلاج ‪،‬‬
‫وكذلك معرفة طرق تنظيم هذه المراكز وغالب الظن أن نظامها كان يسير على نهج‬
‫بيمارستانات المشرق من حيث تقسيمها إلى قسمين ‪ ،‬قسم للرجال والأخر للنساء‪،‬‬
‫وكل قسم منها به قاعات للأمراض المختلفة مفصولة عن بعضها‪ ،‬قاعة للكحالة‪،‬‬
‫وأخرى للجراحة وثالثة للتجبير‪ ،‬وأخرى للأمراض الباطنية وتجهيز كل القاعة‬

                   ‫بالأثاث الذي يريح المرضى من أ ّسرة و فرش و مخدات (‪.)85‬‬

‫وتعد الحمامات أيضا مركزا من مراكز الاستشفائية لما تحويه من مياه‬
‫ساخنة وأملاح معدنية مشبعة بالكبريت‪ ،‬فهي تساعد على علاج الأمراض الجلدية‬
‫والعصبية‪ ،‬وأمراض الحساسية والنفسية‪ ،‬وكثيرا ما كانت تلجأ إليها المرأة بغية‬

     ‫العلاج‪ ،‬وكانت مقسمة إلى قسمين ‪ ،‬قسم خاص بالرجال والأخر بالنساء (‪.)86‬‬

‫وصفوة القول جسدت النساء القابلات دورين أساسين في المجتمع المغربي‬
‫هما‪ :‬مداواة أمراض النساء والشهادة في بعض القضايا الاجتماعية بطلب من‬
‫القضاة‪ ،‬ونستشف أيضا أن الأطباء كانوا على دراية واسعة بالعديد من الأمراض‬
‫النسائية ‪ ،‬وطرق علاجها فضلا عن تعليم القابلات طرق فحص النساء وتوليدهن ‪.‬‬

‫والظاهر أن الطب التقليدي كان أوسع انتشارا مقارنة بالطب العلمي‪ ،‬الذي‬
‫مارسته قلة من النساء مثل عائلة بني زهر وأخريات‪ ،‬وشاركت المرأة المغربية في‬
‫العصر الإسلامي‪ ،‬مشاركة فعالة في علاج المرضى وتمريضهم‪ ،‬وتزودت لأداء‬
‫هذا الواجب بتعليم الطب وخصوصا ذلك الخاص بفن التوليد‪ ،‬ومسك الختام يتبين‬
‫لنا أن أطباء العرب المسلمين أولوا أمراض النساء والولادة اهتماما كبيرا وهذا ما‬
‫يعكسه لنا تراثهم العلمي الطبي الذي يعد حجر الأساس في بناء الطب الحديث‪،‬‬
‫وإعطاء دفع قوي لعجلة التقدم في مجال التوليد انطلاقا من معارف طبية التي‬
‫خلفها لنا كل من الرازي في كتابه «الحاوي في الطب» و الزهراوي في كتابه‬

                                ‫«التصريف « وابن سينا في كتابه «القانون» ‪.‬‬
                                  ‫‪- 45 -‬‬
   45   46   47   48   49   50   51   52   53   54   55