Page 16 - 2014-36
P. 16

‫لقد أخذت المصادر السودانية تتابع الصراع على السلطة بين أبناء أسرة‬
‫الأساكي بعد أن كانت ترصد توسعات المؤسسين الأوائل للمملكة‪ ،‬ولاسيما في‬
‫عهود كل من سني علي‪ ،‬والأسكيا محمد الأول‪ ،‬وباستثناء عهد الأسكيا داوود‪،‬‬
‫استحوذ الصراع على السلطة على اهتمام خلفاء الأسكيا محمد الأول‪ ،‬فقام محمد‬
‫بان بن أسكيا داوود ‪996-995 ( Mohammed Bani‬هـ‪1588-1586 /‬م ) على‬
‫أخيه أسكيا الحاج محمد فعزله وتولى السلطة عام ‪995‬هـ‪1586 /‬م‪ ،‬وانشغل محمد‬
‫بان بالصراع مع أخويه بلمع محمد صادق ‪ Balma Mohammed Sadiq‬وكنفار‬
‫صالح ‪ Kanfari Saleh‬حتى توفي أسكيا محمد بان عام ‪996‬هـ‪1588 /‬م‪ ،‬فوصل‬
‫إلى الحكم بعده أسكيا إسحاق الثاني ‪999-996 ( Askia Ishaq II‬هـ‪-1588 /‬‬
‫‪1591‬م ) الذي دخل بدوره في صراع مع أخيه بلمع محمد صادق‪ ،‬ووقعت بينهما‬
‫حرب شديدة‪ .‬وبعد تخلصه من أخيه بلمع صادق لم يغز أسكيا إسحاق الثاني سوى‬

       ‫مرتين هاجم فيهما سلطنة ُك ْر َم‪ ،‬ثم فوجئ بعدها بقدوم الغزو المراكشي(‪.)72‬‬

‫فمثلما راود ملوك السودان أحلام توسعية‪ ،‬كانت لدى مولاي أحمد المنصور‬
‫‪ Mulay Ahmed El-Mansur‬الذهبي طموحات توسعية أكبر‪ ،‬فكان يهدف إلى‬
‫إقامة مملكة كبرى في جنوبي الصحراء تحت سلطانه‪ ،‬فأرسل حملة عسكرية‬
‫بقيادة جؤدر باشا ‪ Joader Pasha‬استطاعت القضاء على مملكة صنغي عام‬
‫‪1000‬هـ‪1591 /‬م‪ ،‬مستغلاً فترات الضعف والتفكك التي عانت منها المملكة في‬
‫أواخر عهد الأساكي‪ ،‬إضافة إلى أن الأسلوب الحربي‪ ،‬والتنظيم العسكري كان‬
‫سي ًئا‪ ،‬وضعي ًفا في مواجهة الجيش المغربي‪ ،‬هذا فضلاً عن أن استراتيجية الغزو‬
‫والتوسع والحملات الجهادية التي أرسى دعائمها حكام المملكة الأول من الأساكي‬
‫قد أصبحت بلا وجود قبيل الغزو السعدي(‪ .)73‬وهو الأمر الذي يشير إلى أن المملكة‬
‫عندما استطاعت فرض قوتها عن طريق الحرب كان ذلك سب ًبا في فرض هيبتها‪،‬‬
‫وإقرار نفوذها‪ ،‬بينما سمحت فترات الضعف للمتربصين والطامعين في أملاك‬

                   ‫المملكة بتحقيق أهدافهم بنفس الأسلوب‪ ،‬وهو الحرب والغزو‪.‬‬
                                  ‫‪- 39 -‬‬
   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20   21