Page 102 - 2015-37
P. 102

‫وبسقوط السعديين آل اأمر في المنطقة إلى اأسرة الفيالية العلوية الشريفة‬
‫التي تولت مقالـيد ال ُحكم في المغرب اأقصى حوالي عام ‪ 1077‬هــ ‪1666 /‬م‪،‬‬
‫والدليل على ذلك ما نقله المؤرخ المغربي عبد الهادي التازي من وجود رسالة‬
‫للسلطان المـولى إسماعيل الشريف العلوي (‪ 1132 - 1082‬هـ‪1727 - 1672 /‬م)‬
‫بالخزانة الوطنية باريس جاء في مقدمتها أن علماء تنبكت وعلـ ّية قومها ‪ ،‬قد بايعوه‬

                                                        ‫وقدموا له الواء (‪.)12‬‬

                        ‫وستتم دراسة هذا الموضوع على النحو التـــالي ‪-:‬‬

‫أواً– ظاهرة انتقال ال ُعلمــاء مــن ال ُمدن إلى اأرياف والبوادي وآثارها ‪:‬‬

‫عند الحديث عن أحوال المنطقة خال القرن الحادي عشر للهجرة ‪ /‬السابع‬

‫عشر للميـاد تجدر اإشارة إلى ظاهرة انتقال العلماء والفقهاء من المدن والحواضر‬
‫إلى الصحاري واأرياف والبوادي ‪ ،‬ذلك أن اانتقال الجماعي كان بسبب سقوط‬

‫تلك الحواضر بيد ال ُحكم المغربي وتفكك سلطنة صنغي التي كانت تتوحد عموم‬

‫المنطقة تحت لوائها عام ‪1000‬هــ ‪1591 /‬م ‪.‬‬

‫وترتبط جملة التطورات الفكرية في المنطقة ‪ ،‬والتي نتجت عن الحملة‬

‫المغربية على باد السودان الغربي – ال ُمشار إليها – بما آل إليه حال الطبقة المثقفة‬
‫( طبقة الفقهاء والعلماء ) ‪ ،‬إثر معارضتهم امتداد السيادة المغربية على بادهم ‪،‬‬

‫تلك الحادثة التاريخية الشهيرة التي اختلف في تفسيرها وتقييمها المؤرخون ‪ ،‬حيث‬
‫يرى البعض منهم أنها كانت نكسة للحركة العلمية التي كانت في أوج ازدهارها‬
‫في تلك الفترة ‪ ،‬في حين يعتقد البعض اآخر ‪ ،‬أنها كانت تعبيراً عنيفاً عن اانتقال‬
‫من مرحلة إلى أخرى في التاريخ الثقافي للمنطقة ‪ ،‬وقد تمثل ذلك في اانتقال من‬
‫مرحلة التحالف بين السلطة والفقهاء‪ ،‬حيث كان اآخرون (الفقهاء) يبسطون رداء‬

‫الشرعية على السلطة الحاكمة ‪ .‬في حين لم تبخل تلك السلطة في إغداق امتيازاتها‬
‫وأعطياتها على هؤاء الفقهاء والعلماء ‪ ،‬إلى مرحلة جديدة كان من أبرز معالمها‬

‫استغناء الحكام عن الشرعية الممنوحة من الفقهاء واستمدادهم الشرعية من مصادر‬

‫‪- 97 -‬‬  ‫غير إسامية‪.‬‬
   97   98   99   100   101   102   103   104   105   106   107