Page 104 - 2015-37
P. 104
من المراكز الصحراوية إلى موانئ السواحل اأطلسية .ونظراً لتنامــي أهميـــة
السواحــل اأطلسيــة -بسبب ما ُذكر أعاه -فإن حركة اانتقال متجهة في مرحلتها
اأولى من المـــدن اأقــرب إلى المراكز الساحلية في مرحلة أولى ُثم إلى البــوادي
القريبة من الساحل اأطلسي فيما بعد (. )16
وصـار نتاجـاً ل ُجملة تلك التحوات أن أصبحت مصالح ال ُعلماء والفُقهاء
والمشائخ أكثر ارتباطـاً بمصالح العامة من ُسكان اأرياف والبوادي ,وبذا انتقل
مركز الثقل السياسي وااقتصادي وااجتماعي إلى المناطق الصحراوية – المشــار
إليها – حيث موطـــن القبائل الرحــل .
ولعل من أبرز اأمثلة على انتقال العلماء خارج المدن هو ما أورده المؤرخ
عبد الرحمن السعدي ( 1056 – 1004هــ 1655 – 1596 /م) في كتابه ( :تاريخ
السودان) من قيامه هو ذاته كفقيه بالــرحيل خارج مسقط رأسه تنبكت( )17إلى بعض
القرى واأرياف عدة مرات ،وذلك ليسرد كتاب الشفاء وتفسيره في شهر رمضان
ال ُمبارك( ،)18أو لعقد ُصلح بين ُمتخاصمين( ،)19أو ليغ ّسل ميتاً أو ل ُيصلي على
جنازة ،و ُمقابل هذه الخدمات الدينية وااجتماعية كان الفقيه عبد الرحمن السعدي
يحصل على بعض اأعطيات من مابس وحبوب وماشية ورقيق(. )20
ويعد من أوائل ال ُمهاجرين من ُتنبكت إلى بعض البوادي واأرياف بالمنطقة
الفقيه شمس الدين بن القاضي محمد بن الفقيه محمود بن عمر ،من أسرة آل أٌقيت()21
الشهيرة في تاريخ السودان الغـربي ،كما هاجر إلى وا ّتة ( )22الفقيه محمد ال ُملقب
بالتنبكتي ،فأصبح قاضي وا ّتة وعالمها على زمانه ،على حد تعبير المؤرخ محمد
بن أبي بكر الصديق البرتلي ( 1219 – 1140هــ 1824 – 1754 /م) صاحب
كتاب (فتح الشكور في معرفة أعيان ُعلماء التكرور) (. )23
وت ُذكر المصادر التاريخية أن أجداد الفقيه محمد التنبكتي – ال ُمشار إليه –
كانوا قد رحلوا عن وا ّتة إلى تنبكت ،ورحل هو إلى وا ّتة في بداية القرن الحادي
عشر الهجري /السابع عشر الميادي ،وهي موطنه اأصلي ،وبقي فيها حتى
ُتوفى عام 1050هــ 1640 /م (. )24
- 99 -