Page 37 - 2015-37
P. 37
يرجع ذلك إلى أن من خصائصه الطبيعية كما قال البكري في كتابه أنه مأمون من
أكثر الرياح ،مما كان ييسر علي السفن الرسو في مياهه(.)10
أما مرسى مدينة المهدية فقد ُحفر في الصخر ،ويمتد 26متراً علي 57متر مع
ممر يبلغ عرضه حوالي 15متراً ،وهذا الميناء يتسع لثاثين سفينة ،وعلي طرفي
المرفأ برجان عليهما سلسلة إذا أريد إدخال سفينة أرسل أحد طرفي السلسلة حتى
تدخل السفينة ثم مدت ،والهدف من ذلك هو منع مراكب الروم من الدخول إليها،
فهي حصن منيع أكثرها في البحر والجزء الذي يقع في البر له أربعة أبراج ،علي
كل برج أربعين رجاً لحمايتها ،وقد وصفها ابن سعيد بقوله «مستطيلة في البحر
وهو دائر بها في غير مكان واحد ضيق( .)11أما مرسى مدينة سوسة فعليه سور
منيع من الصخر ،وله ثمانية أبواب أحدها كبير جداً منه تدخل السفن وتغادر(.)12
كما اشتهرت مراسي مدن أخرى بصعوبة الرسو فيها ،مثل مرسى مدينة بونة
الذي كان ُيسمي مرسى اأزقاق وهو داخل جوف ُيسمي جوف اأزقاق أيضاً ،حيث
كانت السفن القادمة إليه أو الراحلة منه تجد صعوبة في ااستقرار فيه وقد تؤدي
ظروف هذا المرسى الصعبة إلى إعطاب تلك السفن(.)13
إا أن هناك صفة مميزة لبعض مراسي المدن اأخرى وهي أن المرسى عباره
عن خلجان فرعية تشبه اانهار وهذا ما دعا المصادر لتسميتها باأنهار عند الحديث
عن تلك الخلجان ،فمثاً ذكر البكري ان مدينة طبرق يوجد بها «نهر كبير تدخله
السفن الكبار وتخرج في بحر طبرقة» ( .)14كما كان لمدينة قابس مرسى فرعي
عبارة عن خليج صغير يدخله المد والجزر ،وترسي به المراكب الصغار ،وليس
بكثير السعة ،وإنما يطلع المد لإرسـاء نحواً من رمية سهم (.)15
ومرسى ميناء تونس يسمى (رادس) ،ونتيجة أن مدينة تونس ليست علـى
حافة البحر مباشراً ،لذا يصلها
بالمرسي قناة مثل النهر( ،)16وتسمي تلك القناة بقناة حلق الوادي( .)17وكانت
السفن الكبيرة ا تستطيع الوصول إلى أرصفة الميناء اأساسية ،فترسوا بعيدا عنها
- 32 -