Page 41 - 2015-37
P. 41
كما كان فيما بين اإسكندرية وطرابلس حصون متقاربة جداً ،فإذا ظهر في
البحر عدو نور كل حصن للحصن الذي يليه ،حتى ينتهي خبر العدو من طرابلس
إلى اإسكندرية في ثاث أو أربع ساعات من الليل ،فيأخذ الناس أهبتهم ويحذرون
عدوهم ،ولم يبطل هذا إا حينما ثار المغرب علي الفاطميين ،ولم يعد في امكانهم
حماية الحصون من البدو( .)36وينسب التيجاني كل القصور والقاع السابقة الذكر
ابن اأغلب ،وظلت تلك القصور والمحارس حتى عصر التيجاني ولم تتوقف عن
أداء وظيفتها في حماية الشواطئ وارشاد السفن( .)37أما في الشرق اأقصى فيذكر
اإدريسي أنه كان يوجد أمام أخوار الهند والصين ما سماه (أحناش) ووصفها بأنها
كانت ملونة بألوان وصفات مختلفة ،وكان أهل البحر يعلمونها ويميزونها ويستدلون
على كل خور من تلك اأخوار بها ،وتسمى تلك اأحناش باللسان الهندي (الميزرة)
( .)38ولعله يقصد بتلك اأحناش صخور بارزة في البحر أو ربما يقصد بها نوع من
الشعاب المرجانية.
إذن احتوت المراكز التجارية البحرية على العديد من الموانئ الحيوية التي
كانت أولى ما يتم التعامل معه خال النشاط التجاري البحري ،وقد احتوت تلك
الموانئ على مرافئ حيوية ذات أهمية كبيرة في ذلك المجال ،وأهمها بالطبع دور
الصـناعـة ،والمــراسي التي كانت تستخدم في استقبال السفن القادمة وتفريغ
حمولتها أو تجهيز السفن الراحلة عنها وشحنها بالبضائع المطلوبة .وقد تميزت تلك
المراسي بهدوء المياه بها خاصة بباد المغرب اأدنى ،كما تميزت بعض مراسي
المغرب اأدنى بوجودها داخل خلجان أو تجويف لحمايتها من تقلبات البحر أو من
الغزو الخارجي ،كما تميزت شأنها شان باقي مراسي المراكز التجارية اأخرى
بوجود برجين على جوانبها بينهما سلسلة ضخمة للتحكم في الداخل والخارج لتلك
الموانئ من السفن .كما تميزت تلك الموانئ خاصة بالمغرب اأدنى بوجود المنارات
ومباني إرشاد السفن القادمة إليها ،كما اس ُتخدمت الجبال نفسها في إرشاد السفن
في تلك الفترة .
- 36 -