Page 538 - 2015-37
P. 538

‫ثم ينشأ في حضنها وينمو جسمه من لبنها ‪ ،‬فمن الطبيعي أن تتعلق به‪ ،‬وأن ينشد اليها‪،‬‬
‫هذه العاقة الخاصة واانشداد الوثيق هي التي تجعل بيد اأم ادوات الرسم والتشكيل‬
‫لشخصية الولد‪ ،‬وا تستطيع أي جهة أخرى أن تأخذ نفس مكانة اأم وتأثيرها حتى‬
‫وإن مارست وظائف اأم العملية كاإرضاع والحضانة ‪،‬أنها ا تملك آليات التفاعل‬
‫واارتباط النفسي والعاطفي الموجود لدى اأم‪ ،‬بل يمكن القول أن هناك برمجة‬
‫غريزية أودعها الخالق جل وعا لإستجابة والتفاعل بين اأم ووليدها ليس في عالم‬
‫اإنسان فقط بل في عوالم سائر الحيوانات أيضا‪،‬فحتى عند الثدييات الدنيا مثا يبدأ‬
‫التعلق مباشرة بعد الوادة فالصغير يتعرف على أمه ويبقى إلى جانبها دون غيرها‬
‫واأم بدورها ترعى وتغذي وتحمي وليدها دون غيره‪ ،‬ولقد حاولت بعض النظريات‬
‫في مجاات التربية وعلم النفس أن تقصر تفسير ظاهرة التعلق واإنشداد بين‬
‫الطفل واأم على أساس تلبية اأم للحاجات البيولوجية للطفل حتي توفر له متطلباته‬

  ‫اأساسية‪ ،‬لكن هذه النظريات لم تصمد امام النقد العلمي والماحظة التجريبية(‪.)10‬‬

                                      ‫التنشئة من سن المياد حتي السادسة‪-:‬‬

‫إن القدرة علي اإنجاب قيمة تقدرها المجتمعات القبلية ‪،‬وتقع علي المرأة‬
‫مسؤلية اإنجاب وإمداد القبيلة بالنسل ‪،‬فيزيد حجم القبيلة مما يدعو للتفاخر ‪،‬ولعل‬
‫موروث الخصوبة واأمومة في المجتمع السوداني يضرب بجذوره عبر التاريخ‬
‫فلقد عرف السودان القديم العديد من اإاهات مثل (مون) زوجة اإله (آمون)‪،‬‬
‫(نوت) الهة السماء‪( ،‬تغنوت) الهة الرطوبة والندى‪( ،‬حتمور) التي تتقاسم وظائف‬
‫الخصوبة ومهامها مع) إيزيس) أكثر اإاهات أهمية في تاريخ العالم القديم بأسمائها‬
‫المختلفة (إيزيس وادي النيل‪ ،‬عشتار‪ ،‬إبنانا الرافدين‪ ،‬عشتاروت‪ ،‬أستر‪ ،‬بتلت‪ ،‬بتول‬
‫الهال الخصيب‪،‬و حظيت إيزيس بأهمية دينية فائقة والكثير من اأتباع في السودان‬
‫القديم‪ ،‬على النقيض من ذلك مصر القديمة‪ ،‬حيث كان (رع) إله الشمس الذكوري‬

    ‫الذي ُد ِمج احقاً في اإله (آمون ( فأصبح آمون رع هو صاحب اليد العليا‪)11(.‬‬

‫وكذلك احتل نهر النيل مكانة كبيرة في كتابات الرحالة امثال أبن بطوطة حيث‬
                                              ‫اعتبرة من أعظم أنهارالدنيا (‪.)12‬‬

                                  ‫‪- 534 -‬‬
   533   534   535   536   537   538   539   540   541   542   543