Page 8 - 2015-37
P. 8
كان الهدف من سرد قصة هذا اللقاء – والذي ورد في حبكة قصصية –
والخاص باللقاء المزعوم بين ابن تومرت والغزالي أن اأخير توقع أن يكون ابن
تومرت قائداً سياسياً وعلى يديه سوف تنتهي دولة المرابطين.
وقد زعمت بعض المصادر أن ابن تومرت ازم أبا حامد الغزالي ثاث
سنوات وحمل منه علماً عظيماً( .)17وهناك مصادر أشارت إلى اللقاء في تحفظ يخلو
من الشك ،فيذكر ابن خلدون «لقى المهدي فيما زعموا أبي حامد الغزالي»(.)18
وهناك من ذكر أنه اجتمع بالغزالي ،وذكر أيضاً لم يجتمع به( .)19أما ابن اأثير فقد
أنكر حدوث اللقاء(.)20
لم يلتق ابن تومرت بالغزالي في مدرسته النظامية في بغداد ،ولم يازمه ثاث
سنوات يحمل عنه العلم ،ولم يفوضه الغزالي بتفويض سلطان المرابطين ،يؤكد
ما ذهبنا إليه أن ابن تومرت قد بدأ رحلته إلى المشرق عام 500هـ1106/م ،أما
الغزالي فقد دخل بغداد عام 484هـ1091/م وظل ُيد ّرس في المدرسة النظامية منذ
وصل إلى بغداد حتى غادر هذه المدينة في عام 488هـ1095/م ،ولم يعد إليها مرة
أخرى إذ سلك طريق الزهد واانقطاع ،ثم قصد الحج ،فلما رجع توجه إلى الشام
فأقام بدمشق مدة ومنها انتقل إلى بيت المقدس التي تركها عام 493هـ1098/م
استياء الصليبيين عليها( .)21لذلك نرفض رواية المراكشي التي تزعم أنه التقى
الغزالي في الشام أيام تزهده( .)22أن الغزالي غادر الشام قبل أن يبدأ أبن تومرت
برحلته العلمية عام 500هـ1106/م.
يدعم ما ذهبنا إليه أن أبن تومرت أمضى عاماً في اأندلس وغادره إلى المشرق
عام 501هـ1107/م ،وأن كتاب اأحياء قد أحرق في قرطبة عام 503هـ1109/م.
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف علم ابن تومرت بقصة إحراق كتاب اأحياء
والكتاب قد تم حرقه بعد أن غادر قرطبة ووصل إلى بغداد؟(.)23
كما يدعم ما ذهبنا إليه أيضا أنه حين عاد إلى المغرب لم ينطلق بسرعة نحو
أرض المرابطين ،بل أمضى سنوات في المغربين اأدنى واأوسط اللذين لم يكونا
تحت سلطان المرابطين ،وتصرف خال هذه المدة التي تصل إلى ثاث سنوات
-3-