Page 12 - 2015-37
P. 12
عودته على طاب العلم .وقد سلك هذا السلوك في مدينة اإسكندرية وبعد مغادرتها
وأثناء ركوبه البحر عائداً إلى باده(.)48
وحين نزل المهدية عام 511هـ1117/م كسر أواني الخمر( ،)49ومن المهدية
خرج إلى تونس ،واتجه منها إلى بجاية ،ورأى يوم عيد الفطر اختاط الرجال بالنساء،
ففرقهم باستخدام العصا( .)50وغادرهذه المدينة متجهاً إلى مالة ،وكان التوقف بها له
أهمية كبرى بحكم أنه التقى بعبد المؤمن بن على الكومي خليفته ويسرد لنا البيذق اللقاء
ويصفه وكأنه تدبير إلهي ،إذ يصور لنا ابن تومرت جالساً تحت شجرة خروب ،ينتظر
تحقيق وعد ربه ،وعندما وصل عنده عبد المؤمن يتقن أنه الشخص الذي أختاره ه
عز وجل لتحقيق ذلك الوعيد .ويضيف البيذق أن ابن تومرت أخبر أصحابه بمقدم عبد
المؤمن بن على قبل يوم واحد من وصوله .وحسب البيذق أيضاً فإن عبد المؤمن غادر
تلمسان رفقة عمه بعلى لطلب العلم في المشرق ،وحين علم بغزارة علم ابن تومرت
قرر الذهاب إليه ليسمع منه في أمور الدين .وقد وصف البيذدق بسذاجة تفاصيل اللقاء
اأول بين ابن تومرت وعبد المؤمن بن على ذلك اللقاء الذي انتهى ببقاء اأخير بجوار
ابن تومرت بداً من استكمال رحلته العلمية إلى المشرق(.)51
وقد روى ابن القطان كيف تم اللقاء اأول بين ابن تومرت وعبد المؤمن
بن على ،نقاً من اأخير ،وا نجد فيه الخوارق التي أوردها البيذق ،يقول (عبد
المؤمن) كنت بتلمسان أقرأ كتب أصول الدين ،وكان لي صاحب رحل عني من
تلمسان إلى المشرق للعلم ،فوصل إلى بجاية ،فخاطبني يعرفني أنه وصل إلى هذه
المدينة فقيه عالم بالعلم الذي تطلبه ،وعند وصول كتابه رحلت إلى بجاية فلقيت بها
اأمام المهدي( .)52والراجح أن ابن تومرت كان يبحث عن رجل يخلفه أنه كان
حصوراً أي لم يتزوج( ،)53فكان ُيعد من يقوم باأمر بعده ،فوجد في عبد المؤمن
النحابة ما تفرس فيه القيام باأمر( .)54لذلك أخبره ابن تومرت ما عزم عليه من إماتة
المنكر وإخماد البدع واأمر بالمعروف(.)55
خرج ابن تومرت من مالة ،ولحق بونشريس والتقى هناك مع عبد ه بن
محسن الونشريسي ،وفاوضه فيما عزع عليه فوافقه الونشريسي أتم موافقة .وكان
-7-