Page 10 - 2015-37
P. 10

‫ينفي هذا الزعم بإهمال الفقهاء دراسة كتب اأصول في عهد المرابطين الرجوع إلى‬
‫فهرس شيوخ العالم والمحدث اأصولي الفقيه القاضي عياض المتوفى عام ‪544‬هـ‪1149/‬م‪.‬‬

          ‫فقراءة هذا الفهرس تبين ارتفاع شأن دراسة اأصول في دولة المرابطين(‪.)31‬‬

‫وإذا كان ابن تومرت قد تأثر بابن حزم‪ ،‬فإنه مع ذلك أختلف معه‪ ،‬فابن تومرت‬
‫تأثر بابن حزم في ميدان الفقه إا أنه لم يتبين آراءه في ميدان التوحيد‪ ،‬أن ابن‬

                           ‫تومرت كان عقلياً‪ ،‬أما ابن حزم فقد كان ظاهرياً(‪.)32‬‬

‫كما تأثر ابن تومرت بمذهب اأشاعرة – كما ذكر ابن خلدون – حين التقى‬
‫أئمتهم بالمشرق‪ ،‬وذهب إلى رأيهم في تأويل المتشابه من اآيات واأحاديث‪ ،‬بعد‬
‫أن كان أهل المغرب بمعزل عن أتباعهم في التأويل واأخذ برأيهم اقتداء بالسلف‬

                             ‫في ترك التأويل وإقرار المتشابهات كما جاءت(‪.)33‬‬

‫وتعتبر العقيدة اأشعرية ابن حزم صاحب المذهب الظاهري عدوها اللدود(‪.)34‬‬
‫فأخذ عنها أن ه ليست له صفات قائمة في ذاته‪ ،‬فما ورد من آيات توهم التشبيه‬
‫مثل اآية «الرحمن على العرش أستوى»(‪ )35‬فإنه يجب اأخذ بها كما جاءت من‬

                                                    ‫غير تشبيه وا تكييف(‪.)36‬‬

‫إن ما يلفت اانتباه هنا هو أن ابن تومرت الذي رفض من قبل كل اجتهاد عقلي‬
‫في اأمور الفقهية حينما كان ظاهرياً على اعتبار أنه ا مكان للعقل في التشريع‬
‫اإسامي‪ ،‬يتحول إلى شخص يرى ضرورة الجدل في القضايا التي تمس جوهر‬
‫العقيدة‪ .‬وكحامل لواء اأشاعرة أقبل على دراسة كتب اأصول‪ ،‬تاركاً كتب الفروع‬

                              ‫حسب مذهب اإمام مالك الشائعة في المغرب(‪.)37‬‬
‫وتأثر ابن تومرت أيضاً بالمذهب المعتزلي الذي جعله قاعدة لعقيدته وأساساً‬
‫لمذهبه بعد أن أخذ بمصطلح التوحيد الرائج استعماله عند المعتزلة‪ ،‬ورفض وجود‬
‫صفات إلهية أصاً(‪ .)38‬كما وافق رأي المعتزلة في أن ه ا يكلف العبد ما ا‬
‫يطيق فيقول‪« :‬أنفرد الباري سبحانه وتعالى بالعدل واإحسان وا يتصف بالظلم‬

                                                              ‫والعدوان»(‪.)39‬‬

                                   ‫‪-5-‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15