Page 11 - 2015-37
P. 11
كما أن الدارس لتراث ابن تومرت والقارئ أحداث عصره يدرك أنه قد تأثر
بكثير من آراء الخوارج ا سيما في التساهل بسفك الدماء ،ومقاومة السلطان الجائر
حتى جعله ضرباً من الجهاد في سبيل ه(.)40
ولم يكتف ابن تومرت بما أخذه من تناقضات مذهبية أثناء رحلته العلمية إلى
اأندلس والمشرق اإسامي من أجل إحداث التغيير المنشود واانقاب على السلطة
المرابطية ،فنجده ينهل من المذهب الشيعي الذي أخذ منه فكرة المهدوية وفكرة
اإمام المعصوم(.)41
على أية حال لقد التقى ابن تومرت في رحلته العلمية بأصحاب مذاهب
وفرق إسامية شتى ،وأخذ منهم آراء واعتقادات تناسب دعوته ،واستخدم هذه
اآراء وااعتقادات كمبرر للوصول إلى غايته السياسية ،لذلك يصعب تحديد
عقيدته المذهبية ،فقد وضع توليفة عقائدية ضمت معظم آراء المذاهب والفرق التي
تعرف عليها أثناء رحلته( .)42وقد فطن المؤرخ عبد الواحد المراكشي المتوفى عام
647هـ1250/م إلى هذا اأمر وقال« :كان على مذهب أبي الحسن اأشعري في
كثير من المسائل ،إا في إثبات الصفات فإنه وافق المعتزلة في نفيها ،وكان يبطن
شيئاً من التشيع غير أنه لم يظهر للعامة شئ من ذلك»(.)43
لم تكن تعاليم ابن تومرت في العقيدة تتوافق مع البيئة المحلية المغربية ،لما
فيها من جدل وفلسفة فلم تناسب الجماهير الريفية والرعوية( )44لذلك لجأ إلى نشر
تعاليمه باللغة البربرية بعد أن ألف لهم عقيدة بلسانهم(.)45
بعد أن أمضى ابن تومرت حوالي عشر سنوات في الد ّرس والتحصيل بالمشرق،
قرر العودة إلى مسقط رأسه في أول يوم من ربيع اأول من عام 510هـ1116/م()46
وفي أثناء رحلة العودة ذاع صيته من خال قيامه باأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ،فتذكر المصادر أنه ساءه ما شاهده من ترف وانحال خلقي ،فقاوم شرب
الخمر وكسر أوانيها ،ومنع اللهو وكسر اآت الطرب والموسيقى ،وواجه بشدة
اختاط الرجال بالنساء ،لقد بذل قصارى جهده لتصحيح ما اعتبره منكراً حتى
أنه لجأ إلى استعمال العنف في بعض اأحيان( .)47كما كان يلقي الدروس في أثناء
-6-