Page 10 - 2016 - Vol. 40
P. 10

‫بالكتاب والسنة لأنه نشأ في بيت دين وعلم‪ ،‬إذ كان أبوه من حملة العلم‪ ،‬ارتحل إلى‬
‫المدينة وأدرك التابعين وأخذ عن عكرمة مولى ابن عباس(‪ ،)35‬ولذلك كان أبو القاسم‬
‫من الفقهاء وأعلام البربر(‪ .)36‬ومن ثم انتخب بإجماع الصفرية في سجلماسة‪ ،‬لأنه‬
‫كان مقدماً في المذهب الصفري الذي تلقاه على يد عكرمة مولى بن عباس(‪ )37‬وقام‬
‫بنشره بين قومه وبين الجماعات السودانية التي كانت تأتي إلى سجلماسة‪ ،‬ولكن‬
‫الشرط الخاص بأن الإمام يجب ألا تكون له عصبية تحميه او عشيرة تؤويه‪ ،‬لم‬
‫يكن متوافراً في أبي القاسم‪ ،‬لأن قبيلته مكناسة كانت من أكبر العصبيات القبلية في‬

                                                                   ‫سجلماسة‪.‬‬

‫وقد قام أبو القاسم في خلال فترة حكمه للدولة بتدعيم النظام الإداري والمالي‬
‫للدولة حتى استطاعت الدولة في عهده أن توفر الأمن للناس وتفرض سلطتها عليهم‬
‫‪ ،‬فسجلماسة تدين بازدهارها إلى أبي القاسم الذي لجأ إلى تدعيم دولته بالاهتمام‬
‫بالنواحي الاقتصادية للبلاد فاهتم بالتجارة‪ ،‬ذلك أن موقع سجلماسة أتاح لها السيطرة‬
‫على طرق التجارة بين بلاد المغرب وبلاد السودان الغربي‪ ،‬إذ كان التجار يسيرون‬
‫من سجلماسة إلى غانة محملين بالبضائع والأمتعة ويعودون محملين بالذهب(‪.)38‬‬
‫كما أهتم بالزراعة التي تدين بازدهارها إلى نهر زيز الذي ينبع من جبال الأطلس‬
‫ويجري نحو الجنوب ويدخل في أراض سجلماسة ويمر بين أراضيها الزراعية(‪.)39‬‬

‫وظل أبو القاسم يحكم حتى توفى عام ‪168‬هـ‪783/‬م فكانت ولايته ثلاثة عشر‬
‫سنة(‪ ،)40‬ويرى البعض أنه توفى عام ‪167‬هـ‪782/‬م وكانت إمامته عشر سنوات(‪،)41‬‬
 ‫والبعض الآخر يرى أنه توفى عام ‪167‬هـ‪ 782/‬وكانت إمامته عشر سنوات(‪.)42‬‬

‫تولى حكم سجلماسة بعد وفاة أبي القاسم ابنه الياس الملقب بأبي الوزير (‪-168‬‬
‫‪174‬هـ‪790-783 /‬م) (‪ )43‬أي أن الحكم أصبح وراثياً في أسرة أبي القاسم‪ ،‬فلم يعد‬
‫هناك تطابق بين المثل العليا التي تؤمن بها جماعة الخوارج في سجلماسة وبين واقع‬
‫حياتها العملية‪ .‬فقد أصبحت الإمامة وراثية في أسرة أبي القاسم بعد انتخاب بربر‬
‫مكناسة لهم(‪ .)44‬ويمكن القول أنه انتخاب صوري فالإمام يرشح خليفته ثم ينتخبه‬

                                   ‫‪-6-‬‬
   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15