Page 11 - 2016 - Vol. 40
P. 11

‫شيوخ المذهب ثم ينتخبه عامة الشعب ‪ ،‬وبذلك فإنهم لم يراعوا تعاليم المذهب في‬
                             ‫اختيار الإمام ولم يلتزموا بالشروط التي وضعوها‪.‬‬

‫لم توضح لنا المصادر الأعمال التي قام بها الياس الملقب بأبي الوزير ولا‬
‫سياسته الداخلية‪ ،‬ولكنه كان قد ورث دولة استقرت أوضاعها بفضل جهود أبيه وما‬
‫قام به من أعمال حتى يمكن القول أن سياسته الداخلية كانت استمراراً لسياسة أبيه‪.‬‬

‫تعرض الياس لمؤامرة قام بها أخوة اليسع الأول الذي نجح في اقصائه من‬
‫الإمامة(‪ ،)45‬وبذلك سادت البلاد فتن داخلية كان لها تأثير كبير على أحوالها الداخلية‬
‫وخاصة النواحي الاقتصادية التي لا تزدهر إلا إذا انعمت الدولة بالأمن والاستقرار‪،‬‬

                                         ‫وتتدهور إذا سادت الفتن والمؤامرات‪.‬‬

‫قام اليسع الأول على أخيه عام ‪174‬هـ‪790/‬م وعزله عن الحكم(‪ ،)46‬وهذا‬
‫يدل على أن هؤلاء الخوارج أصحاب النظرية المثالية في اختيار الإمام لم يكن من‬
‫المنتظر أن يعيشوا بعيداً عن روح العصر‪ ،‬فلم يلتزموا بتعاليم المذهب وشرائعه بعد‬
‫حكم مؤسس الدولة‪ ،‬وصارت المؤامرة طريقاً للوصول إلى الحكم بدلاً من الانتخاب‬

                                       ‫الذي يقول به مذهب الخوارج الصفرية‪.‬‬
‫ولكن هل قام اليسع الأول على أخيه الياس وعزله عن العرش طمعاً في‬
‫الحكم؟ أم أن الياس كان غير كفئ للقيام بأمور المنصب الذي تولاه‪ ،‬ولذلك عزله‬
‫أخوه بمساعدة شيوخ الصفرية‪ ،‬إذ أنهم يرون عزل الإمام الغير قادر على إدارة‬
‫شئون الأمة(‪ )47‬تلك تساؤلات تطرح نفسها لمحاولة الكشف عن أسباب المؤامرة‬
‫التي دبرت لعزل الياس عن العرش ولم تكشف عنها المصادر ومهما كان الأمر‬
‫فقد تولى اليسع بن أبي القاسم الحكم في سجلماسة بعد أن قام بانقلاب على أخيه‬
‫استطاع من خلاله أن يصل إلى إمامة الدولة‪ .‬وتلقب بأبي منصور وحكم في الفترة‬

                                          ‫من (‪208 -174‬هـ ‪823-790 /‬م)‪.‬‬
‫وقد تحسنت الأحوال بتولى اليسع الأول شئون الحكم إذ كان حاكماً ممتازاً من‬
‫طراز نادر عمل بكل ما في وسعه على المحافظة على كيان دولته‪ .‬وحرص على‬

                                   ‫‪-7-‬‬
   6   7   8   9   10   11   12   13   14   15   16