Page 272 - African-Issue 41Arabic
P. 272
المستوي العام للأسعار و من ثم لا ينعكس في معدلات التضخم لنفس الفترة وإنما
في فترة زمنية لاحقة تزيد أو تنقص بحسب حجم الاقتصاد وآلية الانتقال ،كذلك فإ ّن
التعارض في الاتجاه العام لك ٍل من عرض النقود والتضخم خلال العقد الأخير يمكن
أن يرجع إلي الزيادة الملحوظة في معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي
في الاقتصاد السوداني والتي عملت على امتصاص الزيادة في عرض النقود .
وفي مجمل الأمر يمكن تلخيص أثر السياسة النقدية على التضخم في السودان
بالنجاح المصحوب بإخفاق ،نجاح تم بموجبه خفض معدلات التضخم من ثلاث
خانات إلى خانتين ثم خانة واحدة إلا أن هذا النجاح كان مصحوبا بإخفاق تمثل
في انحراف معدلات التضخم الفعلية عن المستهدفة في عدد من سنوات الإصلاح
وخصوصا في السنوات الأولى من الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة -1996
1999التي شهدت توجه انكماشي من قبل سلطات النقد بغية السيطرة على معدلات
التضخم الجامحة و النمو غير المنضبط في معدلات النقود فكان من الطبيعي حدوث
انحراف جزئي وشهدت أيضا الفترة من 2005-2002والفترة 2011-2008
انحرافا بين المعدل المستهدف والفعلي.
و قد فسر ( د.عبد الوهاب الشيخ موسى ) ذلك إلى تدخل أسباب داخلية وخارجية
بخلاف محددات التضخم العامة التي سبق تحليلها ،تتعلق تلك المسببات بسوء استغلال
موارد النفط والتحول للنمط الاستهلاكي واستيراد سلع لم تكن في النمط الاستهلاكي
للسودانيين نجمت عن توافر السيولة النقدية جراء زيادة عرض النقود الذي نجم في الأساس
عن تدفق عوائد النفط ،بينما فسر البعض ذلك إلى رفع الدعم عن الطاقة في سبتمبر 2006
وما صوحب بعد مراعاة اثر الانتقال الزمني لارتفاع في المستوى العام للأسعار الناجم عن
ارتفاع تكاليف النقل ،ثم ارتفاع في أسعار السلع بشكل عام ،أيضا التحرر الاقتصادي و
الانفتاح على العالم الخارجي أدى لتعرض الاقتصاد السوداني للصدمات الخارجية الناجمة
عن انتقال أثر التضخم العالمي للسودان (التضخم المستورد) كارتفاع أسعار القمح عالميا
وما صاحبها من ارتفاع أسعار الخبز خلال الفترة من يناير 2008وحتى سبتمبر من ذات
العام الذي يمثل احد اهم البنود المحددة للرقم القياسي لأسعار المستهلكين
ومن العوامل الأخرى التي أثرت في معدلات التضخم هي العوامل السياسية
متمثلة في التوقيع على اتفاقية السلام مع الحركة الشعبية عام 2005م ،وحدوت
- 267 -