Page 116 - 2015-37
P. 116
من المراكز الحضرية (ال ُمدن) .وذلك بسبب طابع البداوة الغالب على أهلها،
ُثم أنها وبحكم كونها نائية عن المراكز الحضرية فهي لم تكن مركز جدب
للمؤرخين والرحالة الذين يقومون بالتدوين والكتابة والتاريخ أحوال المناطق
التي يزورونها .
-ظهر نتاجاً لتلك الظروف المستجدة ظواهر أبرزها ابتكار مؤسسات علمية
جديدة تناسب ذلك الوضع الجديد ،فبداً من الحلقات العلمية التي كانت تحتضنها
المساجد والجوامع والزوايا في الحواضر اُبتدع بتلك الر ُبوع (المحاضر):
الجامعات البدوية المتنقلة ،والتي هي مدارس علم ،ورباط جهاد ،ومنارة إشعاع.
-قامت هذه الظاهرة نتيجة عدة عوامل ل ّخصها الباحث الموريتاني ال ُمعاصر خليل
النحوي في كتابه :شنقيط :المنارة والرباط .
-ورغم أن قراءة كتاب خليل النحوي ُتعطي انطباعا ،وكأن ظاهرة المحاضر هي
ظاهرة شنقيطية ،أي خاصة بباد شنقيط ولكن الباحث يستنتج أن هذه الظاهرة
كانت نتاجاً للظروف ال ُمشار إليها في كامل أنحاء باد السودان الغربي ،إن لم
يكن في ُمعظم المناطق اأفريقية ال ُمحيطة بها ،والدليل على ذلك أن المؤرخ عبد
الرحمن السعدي ،والذي عاش في زمن هذا البحث ذكر ذلك في كتابه ( تاريخ
السودان ) أثناء حـديثه عـن الحياة العلمــية في الســودان الغربي .
-إن النماذج التي تمت اإشارة إليها في هذا البحث من ًعلماء المنطقة وإنتاجــهم
العلمي ،والتي ظهرت في ُك ٍل من :أزواغ ،وأزواد ،وشنقيط ،وفوتاتورو ،
وماسنة خال القرن الحادي عشر للهجرة /السابع عشر للمياد توضح الفرضية
التي انطلق منها هذا البحث ،وهي تطور الحياة الثقافية في بوادي وأرياف
السودان الغربي خال القرن 11هــ17/م .
- 111 -