Page 112 - 2015-37

‫صاحب الحركة اإصاحية التي قامت خال النصف الثاني من الــقرن الحادي‬
‫عشر للهجرة ‪ /‬السابع عشر الميادي‪ ،‬وهي حركة إصاحية‪ ،‬سياسية‪ ،‬دينية أرادت‬

‫أن تقيم كياناً سياسيـاً على امتداد ضفتي نهر السنغال ‪.‬‬

‫وقد نجحت هذه الحركة في بداية أمرها في وضع أساس للدولة اإسامية التي‬
‫كانت تخطط لها ‪ ،‬غير أنها تلقت ضربة موجعة من خصومها ‪ ،‬وحققوا عـــليها‬

‫انتصاراً كاسحاً بقتل إمامها ناصر الدين عام ‪ 1085‬هــ ‪ 1674 /‬م ‪.‬‬

‫وقد نجم عن هذه الحركة اإصاحية جملة من اآثار الثقافية الهامة على‬
‫رأسها أنها صارت مرجعاً لجملة حركات اإصاح التي اجتاحت منطقة السودان‬
‫الغربي والغرب اأفريقي عموماً فيما بعد(‪ ،)59‬وقد ُسميت هذه الحركات بالحركات‬
‫اإمامية(‪ ،)60‬وقد استلهمت تلك الحركات تراث حركة اإمام ناصر الدين‪ ،‬وعملت‬
‫على إعادة اانتشار القاعدي لإسام ومحاربة ظاهرة ااسترقاق‪ ،‬التي كانت ترسخ‬
‫قواعدها القوى اأوروبية المتمركزة على السواحل الغربية للمنطقة‪ .‬كما عملت حركة‬
‫اإمام ناصر الدين على ُمحاربة الممالك الوثنية المحلية وقتذاك(‪ ،)61‬ونظراً لآثار‬
‫الهامة التي خلفتها هذه الحركة ‪ -‬كما سلف ‪ -‬فقد كتب الفقيه محمد اليدالي‪ ،‬المتوفى عام‬
‫‪1066‬هـ‪1653 /‬م كتاباً شيقاً في (أمر الولي ناصر الدين ) ‪ .‬استعرض فيه جانباً من‬
‫المناقب والخوارق المنسوبة إلى هذا اإمام ‪ ،‬مما ُيعد وثيقة هامة حول الحياة العقلية‬
‫في تلك اأنحاء‪ ،‬وذلك خال القرن الحادي عشر الهجري‪ /‬السابع عشر الميادي‪ ،‬مع‬

‫أن اليدالي لم ي ُكن معاصراً لأحداث غير أنه يروي عن شيوخ عاصروها(‪.)62‬‬

‫‪ – 4‬فوتاتورو(‪: )63‬‬

‫تقع منطقة فوتاتورو في حوض السنغال ‪ ،‬وتمتد على ضفت ّيه لتشمل جزءاً من‬
‫أراضي دولة موريتانيا الراهنة وجزءاً من مالي والسنغال‪ ،‬ويحدها ال ُمحيط اأطلسي‬
‫من الناحية الغربية‪ ،‬وقد وقع خاف بين الباحثين حول تفسير اسم فوتاتورو(‪،)64‬‬
‫ومعروف أن منطقة فوتاتورو هي من اقدم مناطق الغرب اأفريقي صلة بالعقيدة‬
‫اإسامية‪ ،‬إذ يعود تاريخ الدعوة اإسامية بها إلى عهد أميرها وارجابي بن رابيس‬
‫المتوفى عام ‪ 432‬هــ ‪1040 /‬م‪ ،‬والذي ُيعد مؤسساً لما سم ّي في التاريخ باسم إمارة‬

‫‪- 107 -‬‬