Page 368 - 2015-37
P. 368
الرسمي كونها دائرة حركة استراتيجية على المستوى الكلي ،كما يتعين إياء القدر
ذاته من ااهتمام بحوض النيل بوصفه دائرة حركة استراتيجية على المستوى
الجزئي للسياسة الخارجية المصرية.
إن «الدائرة النيلية» لمصر تتمثل جغراف ًيا فيما يمكن تسميته «النظام اإقليمي
المائي لحوض النيل» ،والعمل من خاله على إدارة العاقات الهيدروبوليتيكية
(المائية-السياسية) في حوض النيل ،والحفاظ على المصالح المائية المصرية مع
دول الحوض في إطار من تفعيل التعاون ،وإعمال منهج التنمية المتواصلة والعادلة
لموارد النهر بهدف تحقيق النفع المشترك والمتبادل لجميع الدول النيلية وفق «منهج
اربح – اربح» ( .)Win-Win Approachكما قد يتطلب اأمر في بعض اأحيان
من الدبلوماسية المصرية أن تقوم بإدارة «التفاعات الهيدروبوليتيكية الصراعية»
لصون اأمن المائي المصري(.)27
وإجمااً لما سبق ،واستنا ًدا إلى محددات الجغرافيا والتاريخ والحضارة الفكرية،
يمكن القول بأن مصر كانت تشعر دائ ًما أنها دولة أفريقية مثلما هي دولة عربية
وإسامية ،بل إن اانتماء اأفريقي لمصر قد تق َدم في بعض اأحيان على بعض
اانتماءات اأخرى.
إا أن المكانة ااستراتيجية المصرية إقليم ًيا وعالم ًيا أخذت تشهد تراج ًعا نسبياً
منذ نهاية عقد الثمانينيات ،وذلك تحت تأثير تغير عناصر القوة المصرية سواء
الداخلية منها والمتمثلة في الخلل ااقتصادي النسبي في هيكل ااقتصاد القومي
المصري ،أو الخارجية منها نتيجة انتهاء الحرب الباردة ،وانشغال مصر بعدد
من الملفات من قبيل :ترتيبات أمن الخليج الجديدة ،وتطورات الصراع العربي–
اإسرائيلي ،والتقارب مع أوروبا والوايات المتحدة .ما نتج عنها تراجع المكانة
ااستراتيجية المصرية – ولو نسبياً .وهو ما يعني أن مصر تعيش منذ ذلك الحين
حالة «عدم توازن المكانة»(.)28
وبالتبعية ،فإن الدائرة اأفريقية -ومن ضمنها الدائرة النيلية -لمصر شهدت
تراج ًعا ملحو ًظا في مستوى ااهتمام الرسمي خال العقد اأخير من القرن
- 363 -