Page 371 - 2015-37
P. 371

‫كما أن تلك الدول تسوق حجة كونها لم تكن طر ًفا في تلك ااتفاقيات ما يس ِوغ‬
‫لها المطالبة بإلغائها‪ .‬وفى المقابل‪ ،‬تتمسك مصر والسودان في هذا الصدد بمشروعية‬
‫وسريان تلك ااتفاقيات التاريخية استنا ًدا إلى مبدأين رئيسين في القانون الدولي العام‪،‬‬
‫وهما‪ :‬مبدأ «التوارث الدولي للمعاهدات»‪ ،‬ومبدأ «الحقوق التاريخية المكتسبة»(‪.)36‬‬
‫يقضى مبدأ التوارث الدولي للمعاهدات – حسبما أقرته المادتين (‪ )11‬و(‪)12‬‬
‫من اتفاقية فيينا للمعاهدات عام ‪ ،1978‬بأن ترث الدولة الخلف عن الدولة السلف‬
‫ااتفاقيات والمعاهدات التي تكون قد أبرمتها الدولة السلف في فترات سابقة‪ .‬والملفت‬
‫للنظر أن دول حوض النيل قد قبلت بهذا المبدأ كأساس لتعيين الحدود عقب انتهاء‬

  ‫ااحتال‪ ،‬بيد أنها ترفض اأخذ به في مجال تنظيم وإدارة شؤون نهر النيل(‪.)37‬‬
‫وتكشف تصريحات وخطب رؤساء الدول والحكومات اإفريقية فى إطار‬
‫مؤتمر أديس أبابا التأسيسي لمنظمة الوحدة اإفريقية عام ‪1963‬م عن ذلك الواقع‪،‬‬
‫حيث ساد المؤتمر تيار يرمى إلى الحفاظ على الحدود القائمة دون مساس بها‪ ،‬وقد‬
‫عبر عن ذلك أكثر من رئيس إفريقي حيث أشار «موديبوكويتا» رئيس جمهورية‬

                                       ‫مالي‪ ،‬فى ذلك الوقت فى كلمته إلى أنه‪:‬‬
‫«إذا كنا فعاً متحركين بإرادة قوية إقامة الوحدة اإفريقية‪ .‬فيجب أن نأخذ‬
‫إفريقيا كما هى‪ ،‬ويجب أن نتنازل عن أى مطالب إقليمية‪ ....‬والوحدة اإفريقية‬
‫تتطلب من كل منا ااحترام المطلق للتراث الذى ورثناه عن النظام ااستعماري‪،‬‬

                           ‫وهذا يعنى المحافظة على الحدود الحالية لدولنا»(‪.)38‬‬
‫وتؤكد مصر على أن هذه ااتفاقيات تعتبر سارية المفعول من وجهة نظر‬
‫القانون الدولي‪ ،‬وا يستطيع أى طرف أن يتحلل منها حسب ما تؤكده اتفاقية فيينا‬

                                                             ‫المشار إليها(‪.)39‬‬
‫ويمكن تحديد أبعاد الموقف المصرى بدقة‪ ،‬وتحليل دااته‪ ،‬من خال تتبع‬
‫تصريحات المسؤولين والخبراء المصريين فى مناسبات وفعاليات مختلفة‪ ،‬والتى‬
‫تؤكد فى جوهرها الرؤية المصرية فى اارتكاز إلى مبدأ «التوارث الدولي‬

     ‫للمعاهدات» كأساس قانوني– سياسي تبني عليه مصر حقوقها فى مياه النيل‪.‬‬

                                  ‫‪- 366 -‬‬
   366   367   368   369   370   371   372   373   374   375   376