Page 9 - 2016 - Vol. 40
P. 9

‫ويرى أحد الباحثين أن أبا الخطاب الذي يقصده البكري ليس أبا الخطاب‬
‫الإباضي وإنما هو أبو الخطاب محمد بن على الكندي أحد الفقهاء الذي كان من‬
‫أهل إفريقية وروى عن مالك والليث بن سعد وروى عنه البهلول بن راشد‪ ،‬وكان‬
‫أبو الخطاب هذا يدين بمذهب الصفرية‪ ،‬والفترة الزمنية التي عاش فيها عيسى هي‬
‫نفس الفترة التي عاشها أبو الخطاب الكندي(‪ ،)31‬واية كان الأمر فلم تحدد الروايات‬
‫الأسباب التي أدت إلى مقتل عيسى بن يزيد الأسود‪ .‬فهل حاد عن تعاليم المذهب‬
‫فوجب قتله؟ إذ أنهم يرون قتل الإمام إذا حاد عن العدل‪ ،‬أو أنه استبد بالأمر وحده‬
‫دون رؤساء الصفرية في سجلماسة‪ ،‬هل كان َّسراقاً كما أشار البكري في روايته؟‬
‫أو أنه كان هناك نزاع على السلطة بين الرؤساء المكناسيين جعلهم يتراجعون في‬
‫أن يكون رجل الدولة ليس واحداً منهم(‪ ،)32‬وحين انتهى هذا النزاع تخلصوا منه‪،‬‬
‫أى أن العنصر المكناسي أدرك رجحان كفته على بقية عناصر الدولة فكان من‬

                                                    ‫الطبيعي أن يرأس الدولة؟‬

‫كل تلك الاسئلة تطرح نفسها في محاولة للكشف عن الأسباب التي أدت إلى‬
‫مقتل عيسى بن يزيد الأسود لأن المصادر لم تكشف لنا عما ارتكبه من سلوك أدى‬
‫إلى هذه النتيجة‪ ،‬وهل هذا السلوك أو تلك المخالفات التي ارتكبها عيسى استحق‬
‫عليها هذه النهاية القاسية؟ ولا شك أن ما فعلوه مع أميرهم الأول يوضح أنهم كانوا‬

                                   ‫شديدي التطرف‪ ،‬فقد قتلوه بطريقة قاسية(‪.)33‬‬

‫وهكذا تخلصت القبائل الصفرية في سجلماسة من الإمام الأول السوداني‬
‫الأصل الذي لم تكن له عصبية تحميه ‪،‬وتوارث الإمامة بني واسول المدراريين‬
‫وهذا يعني أن الجماعات الخارجية لم تستطيع الخروج على الأصول التي أصبحت‬
‫تقليدية في اختيار الإمام(‪ ،)34‬وهي أن الحكم لابد أن يكون في أسرة معينة لها‬

                                     ‫عصبية قبلية كبيرة يتوارث أفرادها الحكم‪.‬‬

‫تولى أبو القاسم بعد مقتل عيسى رئاسة الدولة عام ‪155‬هـ‪771/‬م وتوافرت‬
‫فيه بعض الشروط الواجب توافرها فيمن يتولى منصب الإمامة‪ ،‬فقد كان عالماً‬

                                   ‫‪-5-‬‬
   4   5   6   7   8   9   10   11   12   13   14