Page 7 - 2016 - Vol. 40
P. 7

‫بدلاً من العروبة والحرية‪ ،‬ولا سيما حين انضم إلىهم الكثير من المسلمين من‬
‫غير العرب‪ ،‬ولذلك كانت الإمامة في نظرهم حقاً شائعاً بين جميع المسلمين‬

                                      ‫الأحرار أو الإرقاء على السواء(‪.)12‬‬

‫هكذا كان الخوارج يؤمنون بتلك المثل العليا في الإمامة‪ ،‬فهل طبق الخوارج‬
‫الصفرية تلك المثل في حكم سجلماسة؟ وللإجابة على هذا السؤال لابد من استعراض‬

                                                   ‫نظام الحكم في هذه المدينة‪.‬‬

‫أعلن صفرية سجلماسة قيام دولتهم حين أحسوا بما لديهم من قوة تساعدهم على ذلك‬
‫فقاموا فنقضوا طاعة الخلفاء(‪ ،)13‬وحملهم أبو القاسم سمكوا مقدم الصفرية في‬
‫سجلماسة على مبايعة عيسى بن يزيد الأسود وطاعته(‪155 – 140( )14‬هـ‪/‬‬
‫‪771 – 757‬م) وهو من موالي العرب(‪ .)15‬وقد تم اختيار عيسى ليكون الإمام‬
‫الأول للدولة لتفقهه في الدين وشدة تعصبه للمذهب الصفري‪ ،‬وكان لذلك أثره‬
‫في وصوله إلى كرسي الحكم(‪ .)16‬كما أن اختيار رجل من السودان للإمامة هنا‬
‫يبين اتجاه الجماعة الصفرية إلى تطبيق مبدأ اللاعنصرية للإمامة(‪ ،)17‬فالإمامة‬
‫حق شائع للمسلمين كافة ما دام يتوافر في مرشحها الشروط التي يجب توافرها‬

                                                              ‫في الإمام‪.‬‬

‫ويرى أحد الباحثين أن اختيار عيسى للإمامة يدل على ثقل وزن العنصر‬
‫السوداني ورجاحته على كافة العناصر الصفرية في سجلماسة ‪ ،‬لأن عيسى لا‬
‫يرقى إلى منزلة أبي القاسم سمكوا من حيث السابقة في المذهب أو الأفضلية في‬
‫العلم(‪ .)18‬ومهما كان الأمر فقد راعى صفرية سجلماسة تعاليم المذهب في تولية‬
‫عيسى للإمامة فهو من علماء الدين‪ ،‬كما أنه انتخب انتخاباً حراً صحيحاً‪ ،‬فقد بايعه‬
‫أبو القاسم مقدم المذهب ثم بايعته كافة العناصر الصفرية في سجلماسة(‪ ،)19‬كما أنه‬
‫لم تكن له عصبة تحميه‪ ،‬فقد كانت قبيلة مكناسة من أكبر العصبيات وأقواها في‬
‫سجلماسة‪ ،‬كما كان انتخاب عيسى بن يزيد تنفيذاً لتعاليم المذهب التي تقوم على مبدأ‬

                     ‫المساواة وعلى حق المسلمين في اختيار الإمام الصالح(‪.)20‬‬
                                   ‫‪-3-‬‬
   2   3   4   5   6   7   8   9   10   11   12