Page 8 - 2016 - Vol. 40
P. 8
وفور تولي عيسى إمامة الصفرية بدأ في بناء مدينة سجلماسة عام
140هـ757/م( )21والــراجح أنه خلال فترة حكمه التي طالت إلى خمسة عشر عاماً
قد تم بناءها واحاطتها بالأسوار ،فكثر سكان المدينة وانتشر العمران بها .وقام عيسى
بتقسيم المياه بين الناس وصرف إلى كل ناحية من المدينة حقها في هذه المياه( ،)22كم
اهتم بالزراعة خاصة زراعة النخيل الذي عمل على الاستنكار منه(.)23
وانصرف عيسى بعد ذلك بمساعدة زعماء الصفرية إلى تثبيت دعائم الدولة،
فنظم الحكومة والإدارة ،واستعان هو وبنو مدرار بمن عاونهم في الحكم ،ولكنهم لم
يطلقوا عليهم لقب وزير(.)24
ولما كان أبو القاسم سمكوا مقدم الصفرية هو الذي حمل قومه على مبايعة
عيسى بن يزيد الأسود( )25فمن المرجح أن يكون هو الموجه لسياسة عيسى الداخلية
لأن الأخير كان مديناً لأبي القاسم بعرشه.
استمر عيسى بن يزيد بحكم خمسة عشر عاماً ثم عزل بطريقة مهينة في
عام 155هـ771/م ،وترى بعض المصادر الإسلامية أن الصفرية في سجلماسة
سخطوا على أميرهم ونقموا عليه كثيراً من أحواله ،فشدوه وثاقاً ووضعوه على
قمة جبل حتى هلك( .)26ويروي البكري أن سبب عزله أن أبا الخطاب أشار يوماً
لأصحابه في مجلس عيسى إلى أن السودان كلهم سراق حتى هذا ،وأشار إلى
عيسى فأخذوه وقتلوه( .)27ولو كان البكري يقصد أبا الخطاب المعافري الأباضي
فتكون الرواية غير صحيحة ،لأن أبا الخطاب تولى الإمامة عام 140هـ757/م
وقتل على يد مجمد بن الأشعث عام 144هـ761/م( ،)28أما عيسى فقد قتل عام
155هـ772/م( ،)29كما أن أبا الخطاب إباضي ،فكيف يطيع له الصفرية وزعيمهم
أبو القاسم موجود؟ ولذلك فمن المرجح أن يكون أبو الخطاب المشار إليه هو أبو
القاسم سمكوا فهو صاحب الكلمة المسموعة في الدولة ،فهو الذي أشار عليهم
بمبايعته ،ثم أشار عليهم بالتخلص منه ،كما أنهم حين تخلصوا منه اجتمعوا على
أبي القاسم وولوه الإمامة(.)30
-4-