Page 264 - African-Issue 41Arabic
P. 264
في عرض النقود لا يؤثر آنياً على المستوي العام للأسعار و من ثم لا ينعكس في
معدلات التضخم لنفس الفترة وإنما في فترة زمنية لاحقة تزيد أو تنقص بحسب
حجم الاقتصاد وآلية الانتقال ،كذلك فإ ّن التعارض في الاتجاه العام لك ٍل من عرض
النقود والتضخم خلال العقد الأخير يمكن أن يرجع إلي الزيادة الملحوظة في معدلات
النمو في الاقتصاد السوداني والتي عملت على امتصاص الزيادة في عرض النقود .
هذا التفسير سنلجأ لاختباره قياسيا من خلال دراسة طبيعة العلاقة بين عرض النقود
والتضخم واختبار قوة العلاقة واتجاهها للتحقق من فرضية تختبر إلى أي مدى توجد
علاقة موجبة في المدي الطويل بين النمو في عرض النقود ومعدلات التضخم.
وفي مجمل الأمر يمكن تلخيص أثر السياسة النقدية على التضخم في السودان
بالنجاح المصحوب بإخفاق ،نجاح تم بموجبه خفض معدلات التضخم من ثلاث
خانات إلى خانتين ثم خانة واحدة إلا أن هذا النجاح كان مصحوبا بإخفاق تمثل
في انحراف معدلات التضخم الفعلية عن المستهدفة في عدد من سنوات الإصلاح
وخصوصا في السنوات الأولى من الإصلاح الاقتصادي خلال الفترة -1996
1999التي شهدت توجه انكماشي من قبل سلطات النقد بغية السيطرة على معدلات
التضخم الجامحة و النمو غير المنضبط في معدلات النقود فكان من الطبيعي حدوث
انحراف جزئي .وشهدت أيضا الفترة من 2005-2002و الفترة 2011-2008
انحرافا بين المعدل المستهدف والفعلي.
وقد فسر البعض ذلك إلى تدخل أسباب داخلية و خارجية بخلاف محددات
التضخم العامة التي سبق تحليلها ،تتعلق تلك المسببات بسوء استغلال موارد النفط
و التحول للنمط الاستهلاكي و استيراد سلع لم تكن في النمط الاستهلاكي للسودانيين
نجمت عن توافر السيولة النقدية جراء زيادة عرض النقود الذي نجم في الأساس
عن تدفق عوائد النفط( ،)38بينما فسر البعض ذلك إلى رفع الدعم عن الطاقة في
سبتمبر 2006وما صوحب بعد مراعاة اثر الانتقال الزمني لارتفاع في المستوى
العام للأسعار الناجم عن ارتفاع تكاليف النقل ،ثم ارتفاع في أسعار السلع بشكل عام.
أيضا التحرر الاقتصادي و الانفتاح على العالم الخارجي أدى لتعرض الاقتصاد
السوداني للصدمات الخارجية الناجمة عن انتقال أثر التضخم العالمي للسودان
(التضخم المستورد) كارتفاع أسعار القمح عالميا وما صاحبها من ارتفاع أسعار
- 259 -