Page 39 - African-Issue 41Arabic
P. 39

‫وقد ذكرت الباحثة فراج المئات من العالمات المشرقيات المتخصصات في‬
‫شتى فروع العلم خلال القرنين (‪ 8 ، 7‬هـ ‪13،14/‬م) ولم تذكر في بحثها إلا‬
‫عالمتين فقط ممن تخصصن في طب النساء وهما أم محمد هدية بنت علي بن عسكر‬
‫(ت ‪712‬ه‪1312 /‬م) وخديجة بنت نصر الله الصالحية (‪ .)13‬وهذا ما ينطبق على‬
‫بلاد المغرب في العصر الإسلامي‪،‬في نقص المتخصصات في هذا الميدان ربما أن‬
‫السبب راجع إلى رفض الرجال أن تشتهر أسماء زوجاتهم أو بناتهم أو أخواتهم بين‬

                                         ‫العامة على أساس أنهن من المحارم ‪.‬‬
‫ويبدو أنه رغم تلك الأمثلة الواضحة‪ ،‬لبعض النماذج النسائية ‪،‬في ممارسة‬
‫مهنة الطب ‪،‬إلا أن ابن عبدون له رأي آخر‪ :‬ففي رسالته في الحسبة ينكر أنه كان‬
‫للمرأة دور في هذه المهنة بالذات‪ ،‬وها هو يقول «إن المرأة لا يجب عليها ممارسة‬
‫مهن معينة ومنها بصفة خاصة مهنة الطب‪ ،‬ذاكرا أن خطأ الطبيب ‪،‬دائما يكون‬
‫جسيما ولا يستره إلا التراب ‪ ،‬والمرأة غير مؤهلة أو قادرة على القيام بهذه المهنة‬

                                   ‫لما لها من جهل وخطأ أكثر من الرجال (‪.)14‬‬
‫والظاهر أن تعليل ابن عبدون لحكمه المتمثل في استحالة أداء المرأة لمهام‬
‫الطبيبة غير مقنع ولا يستند إلى أدلة من الواقع المعيش ‪ ،‬ولا حتى المؤهلات النفسية‬
‫التي تتطلبها هذه المهنة ‪ ،‬فالأساس الذي قام عليه حكمه أخلاقي ضعيف لأن الخطأ‬
‫يشمل الإنسان رجلا كان أو امرأة سواء في السلوكات أو المهارات‪ ،‬وأقوى ردنا‬
‫لحكمه أن ممارسة النساء لمهنة الطب كانت أمرا شائعا منذ القدم وأن الطب هو‬
‫المهنة التي خلقت للمرأة لما تتمتع به من رحمة وعطف وأكثر من أخيها الرجل ‪،‬‬
‫ولعل ابن عبدون لو عاش في عصرنا ورأى رأي العين ماوصلت إليه المرأة في‬

                                 ‫عالم الطب لغ ّير رأيه وكان له غير ذلك الرأي‬

                                                        ‫‪ -3‬المرأة والتوليد (القابلة)‪:‬‬

‫إن مهمة التوليد‪ ،‬من المهن الرئيسية التي برعت فيها المرأة بشكل خاص منذ‬

                                  ‫‪- 34 -‬‬
   34   35   36   37   38   39   40   41   42   43   44