Page 42 - African-Issue 41Arabic
P. 42

‫وتجدر الإشارة إلى أن شهادة القوابل كانت مهمة بالنسبة للقضاة في القضايا‬
‫الاجتماعية كالزواج والطلاق والقضايا الأخلاقية‪،‬وغالبا ما يطلب من القوابل فحص‬
‫النساء المعنيات في هذه القضايا ما إنكن حوامل أم لا (‪ .)26‬ويكمن هذا الفحص في‬
‫حبس بطن المرأة فإن كانت حاملا فتجد القابلة سرتها تخفق فتقر بذلك للقاضي(‪.)27‬‬

‫والملاحظ أن مهنة التطبيب في العصر الإسلامي مشرقا ومغربا‪ ،‬كانت تخضع‬
‫بصفة مستمرة لرقابة الدولة ممثلة في شخص المحتسب الذي يأخذ على الأطباء‬
‫عهد أبقراط ويحلفهم على أمور من بينها أن لا يذكروا للنساء الدواء الذي يسقط‬
‫الأجنة وأن يغضوا أبصارهم عن المحارم ‪،‬عند دخولهم إلى المرضى‪،‬وكان الطبيب‬
‫أبو مروان عبد الملك بن أبي العلاء بن زهر (‪ 484‬هـ‪1019 /‬م) يمنعه أدبه من‬
‫نزع الحصاة عند المرأة رغم تمكنه من إجراء العمليات الجراحية‪ ،‬ولم يكن في‬

                                             ‫زمانه من يماثله في هذا الفن (‪.)28‬‬

‫ومما لاشك فيه أن الاهتمام بصحة المرأة لم يكن مقتصرا على الرجال دون‬
‫النساء‪ ،‬بل أن من يطلع على المؤلفات يتضح له جليا أن النساء في المغرب قد‬
‫شاركن في هذا المجال بقدراتهن وبخبراتهن الطبية‪ ،‬حيث اشتهرت أم عمر بنت‬
‫أبي مروان بن زهر السالفة الذكر في فن الولادة وأمراض النساء والأطفال‪ ،‬حيث‬
‫حظيت في دولة الموحدين وخصوصا عندالخليفة المنصور الموحدي الذي كان‬
‫لايقبل أحد سواها(‪ ،)29‬أو ابنتها التي كانت ماهرة في الطب كوالدتها عارفة بأمراض‬
‫النساء والأطفال‪ ،‬فكانتا تدخلان قصور الخلفاء وتباشران مرضى نسائهم(‪ .)30‬وممن‬
‫تميزت أيضا في فن التوليد فاطمة الحاجيةالفاسية أخذت هذه المهنة عن القوابل‬

                                                     ‫اللواتي سبقنها فيها (‪. )31‬‬

‫وقد أورد لنا ابن خلدون شيء من الإسهاب والتفصيل ما تقوم به القابلة في عملية‬
‫التوليد‪ ،‬وكيف تكون معنية على إخراج الوليد‪،‬وتكون لديها من الخبرة ما يساعدها في‬
‫حالات تعسر عملية الولادة‪ ،‬ويضيف ابن خلدون أيضا‪ ،‬في أن تلك المهنة مختصة‬
‫بالنساء دون الرجال في غالب الأمر‪ ،‬لأنهن ظاهرات بعضهن على عورات بعض(‪.)32‬‬

                                  ‫‪- 37 -‬‬
   37   38   39   40   41   42   43   44   45   46   47