Page 451 - African-Issue 41Arabic
P. 451
الغرس إليها لكونها السبب في غرس الأشجار .ومن سر هذا الانزياح أنه ساهم
في الحث على ملازمة الأذكار ،لما تنطوي عليه ظلال هذا التعبير المجازي من
المبالغة في جعل التسبيح وما والاه عين غراس أشجار الجنة.
«يا معشر الشباب ،من استطاع-منكم البا َءة فليتزو ْج ،فإنه أَغ ُّض للبصر،
وأَحص ُن للفرج ،ومن لم يستط ْع فعليه بالصوم ،فإنه له ِو َجاء»(.)50
اسناد الصفتين؛ غض البصر وتحصين الفرج إلى ضمير النكاح والتزوج في
قوله ،« :فإنه أَغ ُّض للبصر ،وأَحص ُن للفرج» أسلوب مجازي عقلي ،لأن النكاح
سبب فيهما .والبنية المضمرة التي عدل عنها في التعبير هي( :أنه سبب لغض
البصر وتحصين الفرج) ،فالعدول عن هذا النمط إلى المجاز يوحي بشيء من
الإيجاز غير المخل بالمعنى .ومما يلفت النظر في هذا المجاز ،ما فيه من التوكيد
بالنون التوكيدية وصيغة أفعل التفضيل.
حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش ع ِن َشقيق عن عبد الله قال :قال رسول الله
-صلى الله عليه وسلم « :-عليكم بالصدق ،فإن الصدق يهدي إِلى ال ِبر ،وإن ال ِبر
يهدي إلى الجنة ،وما يزال الرجل َي ْص ُدق حتى ُيكت َب عند الله عز وجل ص ّديقاً،
وإياكم والكذب ،فإن الكذب يهدي إلى الفجور ،وإن الفجور يهدي إلى النار ،وما
يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى ُيكتب عند الله عز وجل ،كذاباً»(.)51
المجاز العقلي في الحديث ،عند قوله« :إن البر يهدي إلى الجنة» وقوله« :فإن
الكذب يهدي إلى الفجور “وفي قوله »:وإن الفجور يهدي إلى النار» والهادي الحقيقي
هو الله تبارك وتعالى ،وإنما أسند فعل الإهداء إلى الصدق والكذب ،والفجور ،لأنها
سبب من أسباب دخول الجنة.
- 446 -