Page 447 - African-Issue 41Arabic
P. 447
قيام بعضه ،فالعلاقة هنا علاقة كلية ،والقرينة قوله« :من قام رمضان» لا يرد قيام
جميع رمضان بجميع ساعاته.
ومن المجازات المرسلة في الحديث النبوي قوله:
«من سره أن ينظر إلى شهيد يمشي على وجه الأرض ،فلينظر إلى طلحة بن
عبيد الله رضي الله عنه» ()42
إطلاق لفظ الشهيد على أحد الصحابة؛ وهو سيدنا طلحة بن عبيد الله أحد
المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم أجمعين ،إطلاق باعتبار ما سيكون ،لأنه حين
الخطاب لم يزل على قيد الحياة كما أفاد بذلك قوله صلى الله عليه وسلم« :يمشي
على وجه الأرض» والشهيد هو من قتل في سبيل الله ،فهذا باب من المجازات
النبوية التي لا يردها أحد سوى أمثاله من الأنبياء ،الذين أطلعهم الله شيئا من مفاتيح
غيبه ،صلاة الله وسلامه عليهم أجمعين.
ومن ذلك قوله:
«لا تركب البحر إلا حاجا ،أو معتمرا ،أو غازيا في سبيل الله تعالى»()43
فإن قوله صلى الله عليه وسلم« :لا تركب البحر» مجا ًزا مرسلاً ،وذلك لأن
لفظ ركب يستدعي مرك ًبا من مواصلات ،والمقام يلزم أن يكون ذلك المركب هو
السفينة ،فإسناد المفعولية إلى البحر توحي بشيء من التجوز والعلاقة بين المعنى
الأصلي والمعنى المجازي محلية ،حيث أطق المحل وأراد الحال فيه.
وعن أبي ذر قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إن الله تعالى ليغفر لعبده
ما لم يقع الحجاب .قالوا :يا رسول الله! وما الحجاب؟ قال :أن تموت النفس وهي
مشركة .رواه أحمد ،والبيهقي في كتاب (البعث والنشور) (.)44
قوله« :تموت النفس» مجاز مرسل ،أطلق النفس وأراد بها الإنسان ،لأن
صفة الإيمان والإشراك من صفات الإنسان ،فإطلاق شيء منها إلى النفس باب من
المجاز ،والعلاقة بين المحورين علاقة جزئية ،النفس جزء للإنسان.
- 442 -