Page 15 - 2015-37
P. 15

‫لما انتهى ابن تومرت من كامه‪ ،‬أسرع إليه عشرة رجال منهم فبايعوا له‬
‫على أنه المهدي(‪ ،)74‬وكان من قبل يلقب باإمام(‪ .)75‬وتجمع المصادر على أن بيعته‬
‫كانت سنة ‪515‬هـ‪1121/‬م(‪ ،)76‬ما عدا ابن القطان الذي ذكر أن بيعته كانت سنة‬

                                                         ‫‪516‬هـ‪1122/‬م(‪.)77‬‬
‫بعد مبايعة ابن تومرت والمناداة به مهدياً‪ ،‬شهدت أحداث السنوات التسع‬
‫حتى وفاته عام ‪524‬هـ‪1130/‬م حروباً بين جماعته والمرابطين لن نخوض في‬
‫أحداثها(‪ .)78‬لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف استطاع هذا الرجل أن يوظف الدين‬
‫لتحقيق أغراضه السياسية؟ لقد وضع ابن تومرت خطة محكمة اعتمد فيها على‬

                     ‫الدين لتحقيق طموحه السياسي فما هي عناصر هذه الخطة؟‬

‫قبل أن نحدد الخطة هناك ماحظة جديرة بالتسجيل وهي‪ ،‬أنه من الصعب‬
‫أن نتصور أن فكرة الثورة – عند ابن تومرت في أبعادها التنظيمية كانت تراوده‬
‫لما غادر وطنه قاصداً المشرق طلباً للعلم‪ ،‬أن شخصيته العلمية والفكرية القائمة‬
‫على أساس ديني لم تكتمل في ذلك الوقت‪ ،‬وما كان اكتمالها إا بعد ذلك التحصيل‬
‫العلمي الواسع للعلوم الشرعية(‪ .)79‬كما أن ااحتكاك بالحكام والمحكومين في كل‬
‫من اإسكندرية والمهدية وبجابة وتلمسان وغيرها وما كان يلقاه أحياناً من التأييد‬
‫الشعبي لمواعظه ا يستبعد أن يكون قد طور لديه ذلك اأمل ليقترب به من فكرة‬

                       ‫التغيير والثورة(‪ .)80‬فما هي خطته لتحقيق حلمه السياسي‪.‬‬

‫أواً ‪ :‬بدأ ابن تومرت خطته لتحقيق هذا الحلم بانتقاء رجال أكفاء ليكونوا‬
‫سـواعـد المستقبل في التغيير المحتوم‪ .‬كانت إقامته في مالة قد شهدت تطوراً‬
‫حاسماً في الفكرة السياسية‪ ،‬فنلحظ اأمل لديه في التغيير يتحول إلى شعور متأكد‬
‫بـالـدور اإصـاحـي الـذي ينبغـي أن يقـوم بـه(‪ .)81‬لـذلــك حين رأى في عبد‬
‫المؤمن بن على – حين التقاه – النجابة والنهضة‪ ،‬تلك الصفات التي رأها تعينه‬
‫على التقدم والقيام باأمر من بعده(‪ )82‬قال له ابن تومرت «تصاحبني وتعينني على‬
‫ما أنا بصدده» فأجابه عبد المؤمن إلى ما أراده (‪ )83‬وكان هذا اللقاء قد أسس لقيام‬

                                                             ‫الدولة الموحدية‪.‬‬
                                  ‫‪- 10 -‬‬
   10   11   12   13   14   15   16   17   18   19   20