Page 376 - 2015-37
P. 376
( )4اإخطار والتشاور المسبق وعدم التسبب في ضرر:
إن االتزام باإخطار أو التشاور المسبق وعدم التسبب في ضرر ،ربما يعد
من أكثر اأحكام إثارة للجدل والخاف في القانون الدولي ،حيث إن التزام الدول
النهرية بشرط اإخطار المسبق بالمشروعات التي تعتزم تنفيذها؛ والتي من الممكن
أن يترتب عليها اإضرار بدولة نهرية أخرى ،يؤدي ذلك إلى تجنب كثير من
المنازعات المكلفة بين الدول النهرية .وبهذه الطريقة تزول أسباب النزاعات التي
يمكن أن تشكل خط ًرا محتماً(.)55
فالمشروعات المائية القطرية التي تقوم بها دول المنابع يمكن أن تثير قل ًقا
من جانب دول المصب التي تثور مخاوفها من إمكانية أن تؤثر تلك المشروعات
المائية التي تقوم بها دولة أو أكثر من دول المنابع على كمية أو نوعية التدفق المائي
الطبيعي الوارد إليها من النهر( .)56فضاً عما يرتبط بتلك المشروعات المائية
القطرية من إشكاليات فنية – هندسية ،وبيئية ،ناهيك عما تثيره من جدل سياسي
وقانوني حول مدى وجوب ولزومية شرط اإخطار المسبق ،من عدمه.
ولذلك تصر مصر على ضرورة إعمال شرط اإخطار المسبق (Pro-notiication
)conditionقبل الشروع في تنفيذ أية مشروعات مائية على أي من روافد نهر النيل،
وذلك عماً بمبادئ القانون الدولي ،وتمس ًكا بمبدأ عدم التسبب في ضرر(.)57
بيد أنه ،ومن ناحية أخرى ،ترفض دول المنابع العليا لأنهار الدولية شرط
«اإخطار المسبق» ،وتنحو نحو إهمال واجب اإخطار المسبق قبل الشروع في
إقامة مشروعات مائية قطرية.
وفى حقيقة اأمر ،فإن الجدل السياسي والقانوني حول مدى لزومية شرط
اإخطار المسبق من عدمه ،إنما هو انعكاس للجدل الفقهي بين مدرستين أو اتجاهين
فقهيين في القانون الدولي العام للمياه ،حيث يذهب ااتجاه اأول (نظرية هارمون)
إلى إقرار الحرية المطلقة لدول المنابع في إقامة أية مشروعات مائية قطرية على
أراضيها ،وفى حدود مساحة حوض التصريف الواقعة في نطاق سيادتها الحدودية،
دون الرجوع إلى دول المصب ،ودون أن تكون ملزمة بإخطار هذه الدول مسب ًقا
باأعمال المزمع القيام بها عند أعلى النهر .وفى المقابل ،يرى ااتجاه الثاني -
- 371 -