Page 377 - 2015-37
P. 377
ويعبر عنه نظريات« :الوحدة اإقليمية المقيدة» ،و»الملكية المشتركة» -أن دول
المنابع ليست مطلوقة العنان في التصرف في المياه النابعة من أراضيها ،وأنها
ملزمة «بالتشاور المسبق» مع دول أسفل النهر ،قبل قدومها على القيام بمشروعات
مائية قطرية في أعلى النهر ،للتأكد من أن تلك المشروعات ا تسبب «ضر ًرا» من
أي نوع ،كم ًيا أو نوع ًيا ،على اإيراد المائي الطبيعي للنهر عند دول المصب(.)58
وبالنظر إلى حالة حوض النيل ،نجد أن دول المنابع تصر على عدم التقيد
باإخطار المسبق – كشرط سابق – أية مشروعات مائية تزمع على إنشائها ،وذلك
انطاقاً من قناعتها بأن االتزام بهذا الشرط ،يعني تقيي ًدا لحريتها ،وانتقا ًصا من
سيادتها ،كما أنه يعيق مشروعاتها التنموية.
وفي المقابل ،تصر مصر على التقيد بهذا الشرط ،ليس من قبيل التعنت أو
التحكم في التنمية المجتمعية في هذه البلدان على حد ما تذهب مزاعمهم ،وإنما
للتحقق من عدم وقوع ضرر على مصر من جراء أ ٍي من تلك المشروعات.
ولقد كان شرط اإخطار المسبق مجااً للخاف في الرؤى التفاوضية بين
مصر والدول النيلية اأخرى أثناء التفاوض بشأن ااتفاقية اإطارية ،وتجلى ذلك
الخاف حول المادة ( )8فقرة (ب) المتعلقة بقواعد وإجراءات تبادل المعلومات
حول المقاييس والمشروعات .وكذا المادة ( )34فقرة (ج) المتعلقة بنظام التصويت
على القرارات المت َخ َذة بشأن المشروعات المائية ،حيث أصرت مصر على ضرورة
أن تكون القرارات باإجماع أو باأغلبية المشروطة بالموافقة المصرية والسودانية.
ولذلك ،فشلت اأطراف المتفاوضة في الوصول إلى صيغ مقبولة بشأن المادتين
المذكورتين(.)59
ومؤخ ًرا ،أصبحت التطورات الراهنة في النظام اإقليمي لحوض نهر النيل
تفرض ضرور ًة ُملح ًة لتطبيق شرط اإخطار المسبق ،وبصفة خاصة حيال قيام
إثيوبيا في العقد اأخير ببناء عدد من السدود ،متجاهلة شرط اإخطار المسبق قبل
الشروع في بنائها ،واسيما في ضوء ما أُثير من تأثيرات بالغة الخطورة لتلك
السدود على اإيراد الطبيعي لمياه نهر النيل ،ومن ثم تأثيرها على الحصة المائية
المصرية ،تلك الحصة التي تمثل جوهر اأمن المائي المصري.
- 372 -